الأحد، 29 ديسمبر 2013

رجب طيب أردوغان "إخواني" حتي النخاع - مقال مترجم

مقال مترجم من صحيفة (DIE WELT) الألمانية
كتبه : Boris Kálnoky 
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة





رجال يرتدون "أكفاناً" بيضاء وتعلوهم نظرات متطرفة يهتفون : "مستعدون للموت من أجل رئيس وزرائنا رجب طيب أردوغان".
هؤلاء ليسوا وحدهم فأردوغان نفسه أعلن خلال عاصفة إتهامات الفساد التي أصابت وزراء في حكومته قائلاً : "سلكنا طريقنا مرتدين أكفاننا البيضاء، وإن شاء الله ستستمر قافلتنا بنفس الطريقة التي خرجنا بها"
ثم هاهو مع نهاية الإسبوع يدلي بتصريح ناري آخر قائلاً : "سوف نقطع الأيدي التي تعبث بالبلاد" قاصداً بذلك مناهضيه.
لكن عن أي قافلة يتحدث أردوغان ؟ وعن أي مناهضين؟
أصولي من البداية
علي مدار سنوات طويلة سعي الغرب – بإستثناء بعص الدول القليلة- إلي التصديق بأن الطريق الذي رسمه أردوغان يقود إلي ديموقراطية وإصلاحات ليبرالية في تركيا وأنه سيجعل من تركيا مثالاً تحتذي به دول العالم الإسلامي في هذا الصدد. لكن هل يحتاج المرء لتحقيق ذلك أكفاناً بيضاء؟
لقد بدأ أردوغان طريقه السياسي كسياسي أصولي يناهض الغرب ويناهض أوروبا متخذاً الإسلام كإنتصار سياسي ليس فقط في تركيا بل في العالم الإسلامي أجمع.
فقد سعي إلي جعل تركيا قائدةً للعالم الإسلامي مستغلاً القوة التاريخية والإمبريالية لتركيا – في إشارة للدولة العثمانية – ولطالما كرر أردوغان حديثه عن الأمة العظيمة وعن القوي العظمي التي يحلم بتحقيقها.
اليهود "الشياطين" يحقدون علي تركيا بسبب قوتها
أردوغان وبعض السياسيين المقربين منه كوزير الخارجية أحمد داوود أوغلو لطالما أثاروا الرأي العام العالمي بحديثهم المتواصل عن "حقد" اليهود علي نهضة تركيا وحسد القوي الغربية لتركيا علي ما وصلت إليه.
لكن أحداً لا يحسد تركيا الآن علي "ديموقراطيتها الدستورية" في ظل تكميم الإعلام وقمع المظاهرات السلمية وتسيس الشرطة والقضاء.
ففي الأيام القليلة الماضية وفي ظل قضية الفساد المدوية في البلاد قام أردوغان بعملية "تطهير" سياسية لبعض القادة المتورطين في القضية وأقر قواعد جديدة يتحتم بموجبها علي النيابة العامة إخطار الحكومة أولاً قبل تقديم المسئولين للمحاكمة.
كان أردوغان قد تخلي مع مطلع الألفية عن هويته السياسية كإسلامي أصولي وتحول في يوم وليلة إلي مؤيد للغرب ومتقاربٍ مع أوروبا وإلي ديموقراطي واعٍ.
أردوغان تحول هذا التحول دون أن يشرح للناس لماذا تحوّل بهذا الشكل وفي الحقيقة فإن أحداً لم يسأله عن ذلك في أصلاً.
لكنه كان من وقتٍ لآخر يرسل رسائل للأتراك بأنه لم يتغير وأنه كما هو بينما كان الغرب يتشكك في حقيقة تحوّله ذلك وبقي ناخبوه المتشددون مقتنعون بأنه لم يتغير.
وتمكّن أردوغان من خلال حنكته السياسية من عقد تحالفات ضمّت مسلمين ويساريين وليبراليين وقام بإسترضاء أوروبا فراح بذلك يكسب الإنتخابات المرة تلو المرة وإستفادت تركيا من كل ذلك سياسياً وإقتصادياً وأصبحت تركيا نجمة متألقة في المجتمع الدولي ورقماً صعباً في الإقتصاد العالمي. 
أردوغان فعل كل هذا من أجل سحب البساط من تحت أرجل العسكر الذين كانوا يحكمون تركيا فعلياً والذين تغلغلوا في مفاصل الدولة وتمكّن أردوغان من تحقيق ذلك بالفعل فقط لأن ذلك ينسجم مع توجهات الإتحاد الأوروبي.
لكن أردوغان وبعد أن تخلص من سيطرة العسكر علي تركيا وبعد كسبه للإنتخابات للمرة الثالثة في إنتخابات 2011 قرر أن يبدأ في تحقيق رؤيته الشخصية لتركيا وراح يفض التحالفات مع حلفائه الليبراليين وقام بإضعاف أي قوة إسلامية لا تتفق مع توجهاته مثل أنصار الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن (Fetullah Gülen) كما أدار أردوغان ظهره للإتحاد الأوروبي وراح يسعي لأن تكون تركيا علي قمة المشهد الإسلامي في العالم وإبراز تركيا كقوي عظمي بين دول العالم وأن تلعب تركيا دور المتحدث بإسم العالم الإسلامي والقائدة له لاسيما بعد مواقف أردوغان المتصادمة مع إسرائيل.
جيل إسلامي جديد
داخلياً بدأ أردوغان في رعاية عملية تحوّل إجتماعي يبدأ من القمة إلي القاع تهدف إلي تكوين مجتمع إسلامي مخفياً ذلك التوجه تحت غطاء "الديموقراطية".
وبدأ أردوغان في "أسلمة" النظام التعليمي في تركيا وأرتفعت أعداد المدارس الإسلامية بسرعة في تركيا ثم أعلنها أردوغان صريحةً : "سوف نخلق جيلاً إسلامياً جديداً" وهو الطريق الذي يحتاج المرء فيه إلي "الأكفان البيضاء" التي تحدث عنها أردوغان وأنصاره.

صورة لغلاف صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية تتسائل فيه : ديموقراطي إصلاحي أم سلطان عثماني
لكن أردوغان بدأ يتلقي الهزيمة تلو الهزيمة وراحت سياسة "العثمانيون الجدد" التي يتبناها أردوغان تتصدع تماماً ولنفس السبب الذي تصدعت بسببه الإمبراطورية العثمانية ألا وهو التناقضات الداخلية.
فمع هبوب نسائم الربيع العربي بدأ أردوغان يخسر حلفائه القدامي في المنطقة بل وأصبحوا بعد الربيع العربي أعداءاً لأردوغان وباتت الدول الفاشلة في المنطقة سوقاً غير رائجة للصادرات التركية , إضافةً إلي أن مصر والسعودية رفضتا قيادة أردوغان لهما وراحت كلٌ منهما تصنع لها تأثيراً ذاتياً في المنطقة.
 والآن وبعد أحداث مظاهرات "جيزي بارك" وقضايا الفساد الأخيرة فإن الليبراليون وأنصار فتح الله كولن قد أظهروا أنهم قادرين علي إحراج حكومة أردوغان وفي المقابل جاء رد الفعل الأمريكي في غير مصلحة أردوغان حيث أكدت الولايات المتحدة أنها لا ترغب في وجه أردوغان المتشدد مهددةً بقطع علاقتها بأنقرة إذا إستمرت إستفزازات أردوغان لها.
وها قد عرفنا ما هي تلك الأيدي التي يريد أردوغان أن "يقطعها" : إنها أيدي الليبرالين وأنصار فتح الله كولن والغرب.
وربما يعتقد أردغان أنه قد يضحك علي المواطن التركي البسيط لكنه لن يضحك علي الإتحاد الأوروبي والإعلام العالمي والذين أدركوا فكر أردوغان الحقيقي وهو الأمر الذي جعل البعض في الشرق الأوسط يصفون حزب العدالة والتنمية التركي (AKP) ب "إخوان تركيا".

لكن الغرب "الطيب" يجامل ويحابي أردوغان كل مرة يجلس فيها معهم فالإتحاد الأوروبي سوف يتفاوض مع أردوغان من جديد بشأن إنضمام تركيا للإتحاد وكذلك بشأن إصدار تأشيرات دخول مجانية للأتراك في دول الإتحاد الأوروبي.


وهي بالتأكيد إضافة إلي إنتصارات أردوغان التي سيستخدمها بكل تأكيد في معركته الإنتخابية القادمة وكلن علي الغرب الإنتظار حتي معرفة نتائج الإنتخابات قبل منح أردوغان تلك الهدايا المجانية لأن المجتمع التركي أكثر نضجاً من سياسيه وسوف يقدم للعالم قريباً أو بعد حين قيادةً أكثر قرباً إلي أوروبا. 

هناك 3 تعليقات:

  1. أردوغان ديقراطي أكثر من وجوهكم الصفراء، أيها الكاذبون مدّعو الديمقراطية .... فانتم من سكت عن ظلم واستعباد الأنظمة لشعوبها عشرات السنين لأنهم كانوا تبعا لكم ... أما هذا الرجل الذي أيقظ تركيا من بين ركام الديون والمرض والتخلف الذي عاشته وجعلها بلا ديون ولا مشكلات هو من يمثل الديكتاتورية مع أننا لم نرَ ولم نسمع واحد في الألف مما حدث في مصر يحدث عنده ومع ذلك أصم هؤلاء الأغبياء آذانهم وأغلقوا أفواههم أمام ضحايا الانقلاب العسكري... أما بضعة آلاف رشوا بالماء في استانبول فقد قام الغرب وإلامه وحكوماته منافقا مدافعا عنهم .... أيها الكاذبون ... سنة الله ماضية

    ردحذف
  2. اللهم انصر اوردغان على اعدائه واعداء تركية ...لم يظهر قائد لتركية افضل من اوردوغان منذ سقوط دولة الاسلام..

    ردحذف
  3. تركيا نمودج لنجاح تجربة الاسلام السياسي

    ردحذف

تعليقك