الجمعة، 27 ديسمبر 2013

الدولة العميقة في مصر و دولة داخل الدولة - مقال أرشيفي

كتبه : MARKUS SYMANK 
ترجمه من الألمانية : عُمَر نايل
أشرف عليه فنياً : إسماعيل خليفة


قالت صحيفة  (Thurgauer Zeitung) السويسرية أن المستفيد الوحيد من الصراع الحالي في مصر هي الدولة العميقة والتي تتشكل من خلال شبكة من العسكريين والشرطة والقضاء ومسئولين في الجهاز الإداري للدولة وتعتبرالدولة العميقة الكيان الوحيد في مصر  الذي لم يتأثر بالأحداث التي شهدتها مصر منذ الثورة وظلت دون مساس بالرغم من كل الأزمات السياسية التي ضربت مصر.

وذكرت الصحيفة أنه في بداية رمضان قام قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي بإلقاء بيان في التلفزيون المصري الرسمي أعلن فيه تهنئته للشعب المصري بشهر الصيام المبارك وفي هذا التوقيت بالذات وعد بالسهر على حماية الشعب وقام  معدو البرامج بعرض مشاهد وطنية تظهر جنود شاهرين الأعلام ودبابات موجهة ناحية إسرائيل وضباط يحملون أطفالاً صغار على أذرعهم . المشهد يبدو كما لو أنه عرض حلقات برنامج "Big Brother" في مصر وسط تهليل ومباركة  وسائل الأعلام للمشهد.

فرصة للخاسرين من الثورة 

وأكدت الصحيفة أنه بالنسبة للخاسرين من الثورة ضد مبارك فقد وجدوا أن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي هي فرصتهم الوحيدة لتعويض ما خسروه حيث أن الفراغ الذي سيتركه أول رئيس منتخب لن يملأه سوي رجال وحرس مبارك القديم ولا عزاء  لشباب الثورة .

وبقيت الدولة العميقة المكونة من شبكة من الجنرالات ورجال المخابرات وأجزاء من القضاء والشرطة والإداريين صامدة حتى الآن دون أن تتضرر من كل الإضرابات السياسية التي عايشتها مصر.

تلك الشبكة التي سيطرت على مدى عقود من الفساد في ظل حكم الرئيس مبارك على قطاعات واسعة من الإقتصاد المصري وحصلت على امتيازات كبيرة مقابل تأمين وترسيخ حكم مبارك الغاشم والذي إستمر لمدة 30 عاماً وهي الآن تدافع عن تلك الإمتيازات مهما كلفها ذلك من ثمن.

الافتقار إلى الإصلاحات

وذكرت الصحيفة أن مرسي الذي حكم قرابة 12 شهرا لم يبذل أي جهد في القضاء على تلك الشبكة بدلا من ذلك اهتم بتدعيم نفوذ جماعته .وأفضل مثال على ذلك هو قائد الجيش السيسي والذي كان لديه سمعه طيبه وعرف عنه قربه من الإسلاميين .وكان لدى مرسي أمل بائس أنه من خلاله يستطيع السيطرة على القيادة العليا بالجيش.

وأيضا في وزارة الداخلية قام مرسي بتعيين رجل من نفس الصفوف لكنه لم يستطع الفكاك من شللية جهاز الشرطة وتشابك مصالح قادته وفي الاسابيع القليلة قبل عزله تمردت الشرطة على مرسي ورفضت طاعته وروى بعد شهود العيان وقوف  قوات الأمن دون تدخل أثناء قيام المتظاهرين بحرق المقر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين .

لكن أكبر مواجهات مرسي كانت مع القضاء الذي كان ينسف كل ما يبنيه مرسي من مؤسسات أهمها أول برلمان مصري منتخب ذو أغلبية إسلامية حيث قام القضاء بحله بعد وقت قصير من إنعقاده.

 ويقول المراقبون أن مرسي كان في حاجة إلي الدعم من تحالفات حزبية كبيرة لمواجهة تلك الشبكات السلطوية القديمة لكن مرسي إختار أن يخوض الصراع بمفرده.

الترويج للقمع

حتي في التلفزيوةن الرسمي للدولة راح رجال النظام القديم يحتفلون بعودتهم من جديد.
 فمنذ انقلاب الجيش امتلأت القنوات التلفزيونية بوصلاتٍ من الإطراء و المديح علي أجهزة الأمن وأصبحت الحرية الصحفية التي خاضت معركة قوية بعد سقوط مبارك من ذكريات الماضي .

حتي صحيفة الأهرام اليومية أصبحت تسير في خط مرسوم لا تتخطاه حيث نشرت الصحيفة خبراً مفاده أن 200 صحفيا أجنبيا بينهم أمريكيين قد شاركوا في الهجوم علي الحرس الجمهوري

وفي ختام تقريرها قالت الصحيفة أن الحكومة الإنتقالية تتبع في الوقت الراهن سياسة العصا والجزرة مع الإسلاميين ففي حين يقبع قادتها داخل السجون أعلن رئيس الوزراء حازم الببلاوي عن إختيار وزير من جماعة الإخوان لكن الجماعة رفضت العرض على الفور قائلةً : " ليس بيننا وبين الإنقلابيين أي توافق " وقال أحد متحدثي الجماعة  أن الإسلاميين سيواصلون التظاهر ضد الجيش وحكومته الجديدة حتي في رمضان.


المقال بتاريخ 11 يوليو 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك