تقرير مُطّوَل كتبه : Florian Hassel لصحيفة "دي ﭬيلت"
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة و عمر نايل
الجنرال سيد مشعل وزير الدولة للإنتاج الحربي والرجل
الثاني في الإمبراطورية الإقتصادية بعد وزير الدفاع صرّح أثناء عرضه لميزانية عام
2010 والخاصة بنشاط عدد من المصانع الحربية بأن الوزراة قامت بتوريد 40 قطار و 220
وحدة تنقية مياة و 50 وحدة معالجة صرف صحي وقال مفتخراً أنه تم تطوير صناعة
الثلاجات وأن صناعة التلفزيونات قد تراجعت بسبب المنافسة القوية في السوق المحلي.
وأضافت الصحيفة أن عشرات الألاف من المدنيين يعملون ضمن
المنظمة الإقتصادية العسكرية وأن مؤسسة الجيش المصري التجارية تحصل علي إمتيازات
لا ينافسها فيها أحد حيث يعمل في شركات الجيش الكثير من المجندين الإلزاميين الذين
يخدمون في تلك الشركات لشهور دون مقابل ويقّدر الإقتصادي الشهير شبرينجبورج (Springborg) عدد أولئك المجندين بقرابة ال100 ألف مجند يمثلون قوي عاملة
مجانية في إمبراطورية الجيش الإقتصادية كما يتمتع إقتصاد العسكر في مصر بميزات
إحتكارية أخري من أبرزها الإعفاء من الضرائب والإعفاء من الحصول علي التراخيص
والإعفاء من دفع الرسوم المستحقة والإعفاء من أي مسآلة قانونية علنية أو محاسبة
مالية.
كما ذكرت الصحيفة أنه لا يمكن لأحد تحديد
الحجم الفعلي للإمبراطورية الإقتصادية للجيش ولكن وفقا للخبير الاقتصادي بول
سوليفان يقدر حجم الاقتصاد العسكري بحوالي 138 مليار يورو يترواح بين 5-15 % من
الناتج المحلي ويقول جوشوا ستاشر الباحث في جامعة ولاية كينت أن الجيش يسيطر على
نحو الثلث إلى 45% من الاقتصاد الموجه ولكن في الحقيقة لا أحد يملك وثائق أو
بيانات محددة.
وأضافت الصحيفة أن صعوبة تحديد الحجم الحقيقي لاقتصاد الجيش تكمن في أنه لا يوجد
بيانات حقيقية عما يخص المؤسسة العسكرية فليس فقط مصانع الأسمنت وشركات البناء
والمصافي التي تخضع شكليا لبعض اللواءات المتقاعدين وكبار الضباط ولكن تمتد أذرع
المؤسسة العسكرية داخل العديد من الوزارات المتداخلة مثل الاتصالات أو شركة مصر
للطيران بالإضافة إلى أن رئيس مجلس إدارة قناة السويس والتي تبلغ أرباحها السنوية
حوالي 5 مليارات دولار لابد أن يكون عسكرياً كما ذكرت الصحيفة أن حوالي 21 من
إجمالي 29 محافظا ً كانوا في الأساس عسكريين أومن الشرطة أو المخابرات.
الجيش تسبب في غني الكثيرين
بلاشك ساهمت إمبراطورية العسكر الإقتصادية في تحقيق
إزدهار إجتماعي وإقتصادي للكثير من المواطنين المصريين الفقراء بل إن تلك
الإمبراطورية حققت الرفاهية لرؤساء كعبد الناصر والسادات ومبارك وعمر سليمان
والذين جاءوا جميعاً من عائلات متوسطة الحال ثم صاروا من الأغنياء كما حققت تلك
الإمبراطورية نسبة تشغيل عالية للعاطلين المصريين حيث تعتبر تلك الإمبراطورية التي
قوامها 420 ألف جندي بالإضافة إلي مئات الالاف من المدنيين أكبر مُشغل للعمالة في
مصر.
وأشارت الصحيفة إلي أن مؤسسة الجيش الإقتصادية كانت تدعم
المصريين في الأزمات القومية التي يتعرضون لها مثل قيام القوات المسلحة بتوزيع
الخبز علي المواطنين في صيف 2010 بعد حدوث نقص حاد في رغيف الخبز حيث قامت مخابز
القوات المسلحة في كل محافظة بإنتاج وتوزيع مليون رغيف لكل محافظة لحل الأزمة وأن
الجيش كان له فضل كبير في بناء المصانع وإمداد تلاميذ المدارس بالتغذية المدرسية
وإهداء وزارة الكهرباء مولدات كهربائية لتوصيل الكهرباء إلي القري والأرياف
المصرية.
الجيش يسعي لمنع المدنيين
من الوصول للسلطة
وأضافت الصحيفة أن ذلك
المشهد الجميل من رفق العسكر بالشعب المصري شابته بعض الشوائب ومنها مثلاً أنه في
صيف (2010) وبصورة استثنائية حدثت فضيحة في إحدى مصانع الجيش بالقاهرة وهو مصنع
"حلوان للصناعات الهندسيه - مصنع 99 الحربى" بعدما تقدم عمال المصنع
بمذكرة احتجاجية نظرا لعدم وجود تدابير أمنية كافية بعد الانفجار الذي حدث في
أواخر يوليو 2010 ولكن دون جدوى ، فبعد أسبوعين فقط لقي أحمد عبد الهادي أحد العاملين
بالمصنع حتفه نتيجة انفجار آخر ,الأمر الذي أدى إلى توقف زملائه عن العمل ولم
يكتفوا بذلك فقط بل تمكنوا من نشر وقائع الحادثة عبر شبكات الإنترنت من خلال مواقع
تتبع لجماعة الإخوان المحظورة رسميا في ذلك الوقت.
ولكن الأمر تعقد بعد ذلك
بعد أن تم مقاضاة 8 من العمال أمام إحدى المحاكم العسكرية بتهم إفشاء الأسرار
العسكرية وتم إطلاق سراح ثلاثة منهم ووضع خمسة منهم تحت المراقبة بعد أن طالبت
منظمات حقوقية مصرية بتخفيف الأحكام الصادرة بحقهم .
وأشارت الصحيفة إلى أن
تخفيف القضاة للحكم جاء بسبب ترشح وزير الدولة للإنتاج الحربي السيد مشعل
للإنتخابات البرلمانية في 2010 تللك الواقعة التي لم تساعد في وصوله إلى البرلمان
ولكن الفضل يرجع إلى عملية التزوير الواسعة لنتيجة الانتخابات .
لكن الفضيحة الثانية لم
تنتظر طويلا ففي الأول من ديسمبر من ذات العام تسبب سقوط إحدى جدران "نوادي الإنتاج
الحربي" في مقتل العديد من المارة.
الأمر الذي أدى إلى احتجاج
الآلاف من السكان الذين طالبوا الوزير مشعل مرار وتكرارا بإصلاح الجدران المتداعية
وشارك في تلك الإحتجاجات الصغيرة الآلاف من عمال المصانع الحربية وبعد كل تلك
الاحتجاجات استولى الجيش على السلطة بعد رحيل مبارك مخالفا بذلك الدستور المصري
الذي ينص على تولي رئيس البرلمان وذلك على خلفية البيان الذي ألقاه اللواء السابق
عمر سليمان والذي كان لا يزال نائبا لمبارك وقتها.
ونقلت الصحيفة عن سبرنج
بورج قوله " أن التغيير الحقيقي يأتي عندما يصبح هناك رئيسا مدنيا مثل ايمن
نور أو محمد البرادعي ويطالب الجيش بالكشف عن سجلاته" . كما نقلت الصحيفة
تصريحا مماثلا لسامر المصري وهو أستاذ في جامعة جورج تاون " أنه لابد على أي
رئيس مصري قادم على المدى الطويل أن يعمل على تفتيت تلك الإمبراطورية وتنحية
الجنرالات بكل الوسائل الممكنة قبل الدخول في أي مواجهة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك