الخميس، 3 يوليو 2014

رمضان بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها : مسلمون يصومون لمدة 23 ساعة متواصلة

ترجمته من الألمانية : إسراء سيد
عن مجلة DER SPIEGEL الألمانية
28.06.2014


رمضان حول العالم : واختبار لقوة التحمل تحت شمس تستمر حتي منتصف الليل

يأتي شهر رمضان الكريم هذا العام في منتصف فصل الصيف، ومن المفترض أن يصوم المسلمون عن الطعام والشراب من الفجر حتي الغسق لمدة أربع أسابيع، فكيف من المفترض أن يتم ذلك في القطب الشمالي حيث لايوجد هناك ليل؟

فبدايةً من يوم الأحد القادم سيكون لدي مسلمو أولو (Oulu) 41 دقيقة فقط لتناول إفطارهم وغداؤهم وعشاؤهم اي جميع وجباتهم اليومية وذلك في الوقت مابين 12:19 منتصف الليل الي ال1 من منتصف الليل ومن المفترض أيضا أن يقوموا بتأدية صلاتهم وذلك وفقا لما يقوله القرأن بأن عليهم الصيام من الفجر وحتي الغروب.

في نهاية هذا الأسبوع يبدأ مايقرب من 1,6 مليار مسلم صيام شهر رمضان المعظم، مع العلم أنه سيأتي هذا العام في ذروة فصل الصيف في إطار نصف الكرة الشمالي، ويعد ذلك إختبار لقوة تحمل المسلمين في العالم العربي لهذه الحرارة الشديدة وأيضا في أولو التي تقع شمال فنلندا.

ويقول القرآن : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ )

ففي منطقة خط العرض هذه في شمال الكرة الأرضية بالكاد نري الليل، هنا وفي الشرق ولمدة 23 ساعة من اليوم تكاد أن تكون الشمس لاتغرب، وفي الشرق البعيد في مدينة لابلاند (Lappland) لاتغرب الشمس لمدة أسابيع.

ففي هذه الحالة كيف ينبغي لمسلم جيد أن يؤدي واجبه نحو خالقه؟

إختلاف علماء المسلمين في المسألة

يعد شهر رمضان الحالي معضلة لمئات الألاف من المسلمين الذين يعيشون في نصف الكرة الشمالي، بالرغم من أن طقوس الصيام تلك يُعفي منها الأطفال والمرضي والمسافرون والنساء الحوامل والمرضعات، ففي هامبورج علي سبيل المثال يستمر الليل هناك أقل من 5 ساعات فقط مما يعني الصيام عن الطعام والشراب لمدة 19 ساعة.

" لقد تم التفكير في أمر هذه المشكلة لمدة عشر سنوات" هكذا بدأ الشيخ عبد المنان إمام أولو ورئيس الجمعية الإسلامية في شمال فنلندا حيث يعيش مايقرب من 1500 مسلم بالقرب من أو فوق الدائرة القطبية حديثه عن المسألة، وأوضح أيضا أنه كما كان متوقعا فإن العديد من المسلمين تحدثوا مرارا بشأن هذا الموضوع، وأخيرا فإن شهر رمضان يعتمد علي التقويم القمري الإسلامي والذي أيام عامه فقط 355 أو 356يوما، مما يعني أن شهر رمضان يأتي كل عام سابقا العام الذي قبله ب10 أيام أو 20 يوما، ففي رمضان 2015 تأتي ليالي رمضان في فنلندا أقصر من هذه الأيام الحالية.

وقد حاول البنجلاديشي منان وزملاؤه البحث عن حل لهذه المشكلة، فهو يعرف كثيرا من القرأن ومطلع علي كتب دينية عديدة وأيضا علوم الدورة القمرية، وفي النهاية طلب مفتي هنلسكي الحصول علي مشورة كبار علماء المسلمين في مصر والمملكة العربية السعودية عن وضع الأشخاص الذين يعيشون في أقصي الشمال، وفي النهاية حصل مسلموا فنلندا علي فتوتين مختلفتين تماما.

ويقول علماء الدين المصريين الليبراليين أن الصوم في هذه الأيام يستغرق ساعات طوال قد تصل الي 18 ساعة، لذا ومن المفترض أن يتبع المسلمون في صيامهم المدن المقدسة كمكة المكرمة أو المدينة المنورة، ففي هذه المدن قد يمتد الصيام لمدة 19 ساعة ونجد الليل فقط أربع ساعات، وذلك علي خلاف ما أفتي به العلماء السعوديون المتشددون بأنه طالما هناك وقت لشروق الشمس ووقت لغروبها فإنه يجب التقيد التام بذلك، وكل الأحكام الأخري تعد مخالفة لقانون الصيام. علي وجه العموم فإن الشيخ المنان قد أوضح بأنهم لايمكنهم ترك صيام شهر رمضان ففي لياليه يفعلون الخير الذي يجلب عليهم نعم متعددة.

بلا ماء في درجة حرارة 45 مئوية

وبالتالي فإن الإمام والمسلمين هناك يتبعون الفتوي المصرية ولكن هناك البعض ممن يتبعون الفتوي السعودية مما يعني صيامهم هذا العام لمدة 23 ساعة متواصلة بدون طعام أو شراب أو معاشرة زوجية أو تدخين وذلك لمدة شهر ويعد ذلك إنطلاقا من إيمانهم الكامل بأن الله سيجازيهم علي ذلك.

وفي دولة السويد المجاورة لانجد أي أراء، فالأئمة المختلفون لهم وجهات نظر مختلفة وذلك وفقا لما أوضحه محمد مصطفي رئيس الرابطة الإسلامية بالسويد، وأوضح أيضا أن منظمته تعني أن المسلمون الذين يعيشون خارج القطب الشمالي يجب عليهم أن يعتمدوا علي الشمس في بلادهم، وتري معظم المؤسسات في السويد أن ذلك يعد حل عملي مناسب.

وحتي الأن هناك 500000 مسلم سويدي يصومون تبعا للتوقيت الزمني لمكة المكرمة أو وفقا لأوقات الصلاة في البلاد القريبة لها، وذلك اعتمادا علي إذا ماكان في الشمال من القطب الشمالي ويعيش في مدينة كيرونا أو ستوكهولم حيث يستمر هناك الليل لما يقرب من أربع ساعات.

فإخوانهم المسلمون في الشرق يواجهون مشكلة أخري مع الصيام في ذروة الصيف، فعليهم التخلي عن الماء لمدة 15 ساعة وذلك بالرغم من درجة الحرارة المرتفعة في القاهرة والتي قد تصل يوم السبت الي 40 درجة مئوية في الظل وفي بغداد تصل الي 45 درجة مئوية، فالحياة العامة في العديد من الأماكن قد تصل الي طريق مسدود أو تكاد أن تتوقف، ففي أبو ظبي يعمل الموظفون فقط لمدة خمس ساعات في اليوم في شهر رمضان، وفي السعودية ودول الخليج الأخري المقاولون هناك ملزمون بمنح الألاف من العمال المهاجرين من الدول الفقيرة في جنوب أسيا استراحة في وقت الغذاء.

ولكن هذا يخلق مشكلة جديدة لأنه في المقابل فالعديد من مواقع البناء تحتاج لوقت أطول من المعتاد في ليالي الصيام مما يثير استياء السكان المحليين، فهم يحتاجون الي النوم وخاصة في شهر رمضان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك