الخميس، 17 أبريل 2014

الراقصة والسلفية

ترجمه من الألمانية : عمر نايل
نقلاً عن موقع صحيفة "كورير" Kurier النمساوية

الراقصة والسلفية عنوان التقرير

 إحداهن ترقص للعسكر والأخرى تريد تطبيق الشريعة!
هذا هو محور الاختلاف بين الأختين الشقيقتين.

 بهذه الكلمات بدأت الكاتبة و السياسية النمساوية "Antonia rados" تقريراً  نُشر على صفحات جريدة "kurier.at" النمساوية  تناولت فيه أجزاء من كتابها الأخير الذي يحكي عن فترة إقامتها بالقاهرة برفقة الراقصة المصرية الشهيرة "دينا".

 وإليكم التقرير كما جاء بالصحيفة :

 "راقصة شرقية" ! الكلمة وحدها أمر لا يمكن للنساء المحتشمات التلفظ به , ناهيك عن ممارسة ذلك والتمايل كالثعابين أمام حشد من العامة الغرباء, بالرغم من ذلك في حديثي مع إحدى نادلات الفنادق أخبرتني أن كل الإناث في سن المراهقة يمارسن الرقص ولكن داخل بيوتهن كما تعرض الكثير من المحطات الفضائية مقاطع للرقص والراقصات.

الرقص في مصر لم يشهد رواجاً وإنتعاشاً كذلك الرواج الذي تحقق بعد عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي حيث أنه تحت حكم الرئيس مرسي لم تحقق المهنة أي  إرتفاع ملحوظ بل إنَّ عدداً من أصحاب الملاهي الليلية أغلقوا محلاتهم خوفاً من نظام الإخوان وذلك لأن مرسي أراد دولة "تصلي" لا دولة "ترقص" ولأن الإخوان يحبون الصلاة أكثر من الرقص.

أما الآن فقد أصبح الرقص أساسياً داخل مؤسستي الجيش والشرطة , ولا تكاد حفلة من حفلات زفاف العسكريين تخلو من راقصة أو أكثر. أعلي هؤلاء الراقصات رتبة وأكثرهن شهرة هي النجمة المفضلة لدى المصريين : "الراقصة دينا".

 وقد قضيت برفقة دينا عام كامل تقريبا. إنها "الإثارة" تمشي على قدمين. بل إن سائقي التاكسي يصابون بالإثارة عندما أخبرهم أنني ذاهبة إلي منزل الراقصة دينا.

أحد المصادر المطلعة أخبرني أن"مكتب شرطة الآداب" التابع لوزارة الداخلية هو من يتابع دينا وجميع الراقصات من الطبقة العليا, ويراقب الأسعار والوقت والمكان ومدة الرقصة.
بعد 3 يوليو إزدهر سوق الرقص في مصر برعاية حكومية

 لا يمكن لأي راقصة أن تخاطر وترفض طلب لأداء إحدى الرقصات في نوادي الجيش بالرغم من أن أجرة دينا مثلاً (نقطة الرقصة) غالباً ما تكون أقل مما تتقاضاه في الحفلات الأخري وللأسف لم أتمكن من حضور حفل زفاف خاص بعائلة قريبة من جهاز المخابرات للتعرف علي ما يحدث داخل قاعات الأفراح في تلك النوادي حيث تم طردي ومنعي من الدخول فلابد أن أكون على صلة بالعائلة صاحبة الحفل أو أن يكون إسمي "دينا". نوادي الجيش منتشرة  في كافة أنحاء الجمهورية لكن أغلبها لا تعمل ويتم الإنفاق عليها من ميزانية الجيش التي قدرها بعض المحللين بـ 40 % من الاقتصاد لكنها تدار بطريقة سيئة .

 والأمر المثير للسخرية أنه بالرغم من حاجة البلاد للتوفير والتقشف يتم إنفاق تلك المبالغ بينما يعيش المصريون على معونات تقدر بـ 12 مليار دولار من دول الخليج في مقدمتهم السعودية. بالإضافة إلى تصاعد موجة الاستياء في الفترة الأخيرة لأن كثير من وعود "الإنقلابيين" لم تُنَفَّذ حتى الآن. 

علاوة على ذلك لا يكاد يرى أيً من آثار للديموقراطية التي تم الإعلان عنها, ووفقا للتقديرات فإن هناك حوالي 16 ألف معتقل من الحركات السياسية المختلفة منهم رموز لثورة يناير  في الوقت نفسه يقبع قيادات جماعة الإخوان داخل سجن طره.
المشير السيسي 

 المشير عبد الفتاح السيسي أو"مبارك الجديد" يبدو أنه قد حسم الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة بينما يواجه معركة شرسة مع تصاعد" الإرهاب الإسلامي" حيث يشتبه في وقوف الإسلاميين المتطرفيين وراء التفجيرات التي استهدفت مديرية أمن القاهرة يناير الماضي. وكذلك توجيه ضربة لقطاع السياحة الذي يعاني منذ ثلاث سنوات عن طريق استهداف أتوبيس سياحي بسيناء , ويرجع وجود الإرهاب في سيناء إلى خليط من الجهاديين والمجرمين الذين فروا من السجون عقب تظاهرات الربيع العربي.
صورة لصاحبة الكتاب مع الشقيقتين ريتا ودينا

وفي ظل هذا المناخ يشعر المراسلون الأجانب وأنا واحدة منهم بوجود حملات شرسة موجهة ضدهم وعاد الوضع كما كان في عهد مبارك حيث يتم تقييد حركة المراسلين بشدة, كما أن رجال الشرطة يكرهون تواجدهم في الشوارع وأنا شخصياً يتم التجسس على كل خطوة من خطواتي من قبل رجال المخابرات و تم اعتقال فريق عمل قناة الجزيرة منذ شهور وتم إتهامهم ب "الإرهاب".

لكن كل هذا لا يهم كثير من المصريين ومن بينهم الراقصة دينا فالمهم بالنسبة لهؤلاء هو عدم وصول الدين إلي السلطة وكل شيئ بخلاف ذلك مقدور عليه.
الراقصة دينا بالحجاب

إلا أنه علي الجانب الآخر هناك ملايين المصريين المتدينيين يرغبون في تطبيق الشريعة الإسلامية والمفارقة أن من بين هؤلاء المصريين "ريتا" شقيقة الراقصة دينا التي تنتهج المنهج السلفي وترتدي نقاباً يغطي كامل جسدها ووجها.

ففي الوقت الذي تكون فيه الشقيقة السلفية "ريتا" منشغلة بآداء صلاة قيام الليل تكون الراقصة "دينا" تؤدي إحدي الرقصات في قاعات الجيش. إنه الإنقسام الذي أراه في الشارع المصري بعد أن دخل بيوت المصريين وأصبح سمةً في البيت الواحد الانقسام الذي رأيته بعيني في الشارع المصري ينعكس هنا في بيت واحد.


أموال قذرة


بالنسبة ل"دينا" و"ريتا" فإن العلاقات الأسرية لا تزال مرتبطة بصورة معقدة. ولأن الأخت السلفية غالباً ما تقضي وقتها في الصلاة وقليلا ما تعمل تساعدها دينا بالمال. نظريا لا ينبغي على سلفية شديدة التدين أن تأخذ مالًا تعتبره مشبوها تم اكتسابه من خلال الرقص وخصوصا أنه يأتي من الدوائر المعادية لمرسي. الأخت الراقصة تقول أنها إنما تساعد أختها من أجل إبعادها عن الإنجراف أكثر نحو الفكر المتشدد , وفي الوقت نفسه تتمنى الأخت السلفية لو أنها تستطيع أن تبعد شقيقتها عن الرقص ليس فقط للعسكريين ولكن عن المهنة من الأساس.

ملمح أخر من حياة الأختين : قبل 13 عاما عملت ريتا "السلفية" كمغنية في أحد الملاهي الليلية. ولكن لماذا أصبحت متدينة؟ وهل أجبرت على ذلك من الزوج؟ الجواب كان : لا. ليس الزوج ولكن الرجال بشكل عام واشارت أنها كانت كثيرا ما تتعرض للمضايقات والتحرش من قبل مدير الفرقة الموسيقية والرجال وأنهم كانوا لا يطاقون.
غلاف كتاب "الراقصة والسلفية"
لكن التحرش ظاهرة لم تختفِ أيضا في ظل الحكومة الإسلامية حتى بعد أن رحل الإسلاميون وإن لم يتحدث أحد عن ذلك فإن القاهرة تحتل مراكز متقدمة جداً في نسبة التحرش الجنسي ومنذ أسابيع قليلة أكدت القاهرة تمتعها بتلك السمعة السيئة بعد وقوع حادثة التحرش الشهيرة بطالبة داخل الحرم الجامعي وقام الطلاب بتمزيق ملابسها قبل أن تتمكن من الهرب داخل أحد المراحيض للاحتماء به في اللحظة الأخيرة. ومع ذلك األقى نائب رئيس الجامعة باللوم على الفتاة الضحية وأنها المتسببة في الحادثة نتيجة الملابس التي كانت ترتديها, كما هاجم المذيع التلفزيوني المعروف تامر أمين الطالبة ووبخ طريقة لبسها ووصفها بأنها كانت تبدو كما لو كانت "راقصة".



وبالنسبة للراقصة "دينا" فإنها دائما ما تتعرض لمثل تلك الإهانات, لكن ما يطمئنها هو أن اللوائح لا تسمح لأحد من الزبائن بالاقتراب منها أثناء الرقص كما أنها تقوم بتغطية منطقة السرة.

لكن كل هذا لم يمنع الإسلاميين المتشددين من تهديدها بالرغم من كون شقيقتها سيدة متدينة.

الراقصة دينا عندما سألتها : "هل تثقين في شقيقتك؟" أجابت : "بالطبع أثق فيها لكني لا أثق في السلفيين؟".

التقرير مُترجم لمدونة (صحافة ألمانية) وأي إعادة نشر دون الإشارة إلي المدونة ورابطها (http://germanspeakingnews.blogspot.com) يعتبر سرقة وتعدي علي حقوق الملكية الفكرية للمدونة وللمؤلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك