ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
نقلاً عن موقع صحيفة (Süddeutsche Zeitung) الألمانية
حامد عبد الصمد وأنصاف الحقائق - مقال مترجم من الألمانية |
"حامد عبد الصمد الكاتب الألماني الذي يحمل الجنسية الألمانية إما أنه يجهل بالحقائق أو أنه يتغاضي عنها ففي كتيب من كتيباته المشوهه تاريخياً يصف عبد الصمد الإخوان المسلمين بالفاشيين بالرغم من أن الكاتب ذاته كان قد رسم من قبل صورةً مغايرة تماماً لتلك الحركة الإسلامية".
بهذه الكلمات بدأ الكاتب والصحفي والمؤرخ الألماني يوزيف كرويتورو (Joseph Croitoru) مقالته في صحيفة "ذود دويتشي تسايتونج" (Süddeutsche Zeitung) الألمانية والتي نُشرت في جزأين جاء الجزء الأول بعنوان "حامد عبد الصمد وأنصاف الحقائق" بينما جاء الجزء الثاني من المقال بعنوان "كيف فقد حامد عبد الصمد أهليته كمفكر تنويري" وإليكم المقال كاملاً بجزئيه :
منذ أن أعلن جورج دبليو بوش في 2006 أن الإرهابيين الإسلاميين هم رأس الحربة ل"الفاشية الإسلامية" والمصطلح يشهد حالة من الرواج الكبير.
فمصطلح "الفاشية الإسلامية" يستخدمه الشعبويين اليسارين واليمينيين المتطرفين علي حد سواء محاولين بذلك الطعن في الإسلام ,كما أن مصطلح "الفاشية الإسلامية" قد لقي قبولاً كبيراً لدي مناهضي الإسلام السياسي في الدول الإسلامية.
هؤلاء جميعاً أعجبهم كثيراً وأثلج صدورهم الكتيب الجديد الذي نشره حامد عبد الصمد والذي جاء بعنوان : "الفاشية الإسلامية-نظرة تحليلية".
حامد عبد الصمد بني فكرة كتابه الجديد علي تشبيه جماعة الإخوان المسلمين في مصر بالحركات الفاشية التي نشأت في أوروبا في فترة ما بين الحربين العالميتين محاولاً بذلك الطعن في جماعة الإخوان المسلمين أخلاقياً وسياسياً من خلال وصمهم بالفاشية بالرغم من أن عبد الصمد ذاته كان يوماً من الأيام عضواً في جماعة الإخوان المسلمين أثناء دراسته في القاهرة , كما يسعي عبد الصمد من خلال إتهامه للإخوان المسلمين بالإرهاب إلي تبرير الأحكام الجماعية الأخيرة بالإعدام والتي طالت المئات من أعضاء الجماعة.
تشويه صورة حسن البنا بوصفه أنه من المعجبين بهتلر
تشبيه الإسلاميين بالفاشيين عبر عنه عبد الصمد في ندوة في القاهرة قبيل الإنقلاب العسكري في الثالث من يوليو من عام 2013 ولأن اللقاء لم يلق القدر الكافي من الإنتشار راح عبد الصمد بعدها بقليل ينشر نفس الفكرة من خلال مشاركة له في مجلة "أخبار الأدب" الثقافية المقربة من السلطة الحاكمة في مصر حيث شارك عبد الصمد من خلال مقالاته في تلك المجلة في الحملة التحريضية التي شنها النظام العسكري الحاكم في مصر ضد الإخوان المسلمين.
عبد الصمد إستخدم نفس الإسلوب في إظهار حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في صورة المعجب والمبهور بشخصية هتلر وموسوليني وهو الأمر الذي ربما يكون صحيحاً حيث أن البنا في مطلع الثلاثينينات كان مهتماً بشخصية هتلر وموسوليني لكن ذلك كان مرتبطاً بإرتياب واضح من البنا في مسلك الرجلين وهو الأمر الذي تعامي عنه عبد الصمد.
وقد حرم عبد الصمد قارئ كتابه من معلومة مهمة مفادها أن البنا وأنصاره وبعد سنوات قليلة أصبحوا من أشد منتقدي الفاشية والنازية في مصر وانهم أعلنوا رفضهم التام والقاطع للعنصرية التي تتبناها هاتين الحركتين ووصفوهما بالإمبريالية والسلطوية والديكتاتورية وهو الأمر الذي أكده وأثبته المستشرق الإسرائيلي "إسرائيل جيرشوني" (Israel Gershoni) في دراسته التي أعدها بالإشتراك مع المفكر "جوتس نوردبروخ" (Götz Nordbruch) عام 2011 والتي نُشرت بالألمانية تحت عنوان : "التعاطف والخوف: مقابلات مع الفاشية والنازية في مصر ما بين عامي 1922 و1937".
كيف فقد حامد عبد الصمد أهليته كمفكر تنويري
كما قلنا من قبل فإن حامد عبد الصمد إما أنه جاهلٌ بالحقائق التاريخية أو أنه يتغاضي عنها عمداً.
فعلاوةً علي ما سبق ذكره بشأن عبد الصمد فإن عبد الصمد نارس نوعاً من أنواع التسلق التاريخي حيث إقتبس عن حسن البنا معلومة مجتزئة ومنقوصة مفادها أن حسن البنا كان مهتماً بتجميع كل إنجازات هتلر وموسوليني الداخلية والخارجية.
لكن حامد عبد الصمد لم يكمل المعلومة والتي جاءت في وثيقة تعود لعام 1948 والتي جاء فيها أن البنا كان يقوم بتجميع ما فعله هتلر وموسوليني داخلياً وخارجياً "من أجل التذكير بأن الفاشية الأوروبية قد أدت إلي كارثة كلفت البشرية ملايين الأرواح من البشر" وهي الإضافة التي لم يذكرها عبد الصمد عند إقتباسه وقد حاولنا بكل جهد البحث عن هذا المعني في إقتباس عبد الصمد فلم نجده وهو ما يثبت أن عبد الصمد يجتزئ العبارات أثناء إقتباسه.
أمرٌ آخر أراد حامد عبد الصمد إثباته وهو أن الإسلام متوافق ومتناغم مع النازية وذلك من خلال إستشهاده بموقف أمين الحسيني المفتي الفلسطيني المتعاون مع نظام النازي في ألمانيا.
بل إن عبد الصمد لم يكتف بمحاولة إثبات علاقة الإسلام بالنازية من خلال موقف أمين الحسيني بل راح يستغل موقف الحسيني ليوهم القارئ بأن موجة العداء للسامية كان يتم تغذيتها وتقويتها بعد 1948 بين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية المجاورة حتي أن معاداة السامية قد أصبحت في ذلك الوقت إحدي أبرز ملامح الهوية الفلسطينية والعربية وهو تصورٌ لم يستطع عبد الصمد التدليل عليه وإثباته بل إن هناك من الحقائق التاريخية ما يخالف فرضية عبد الصمد تلك وينسف مصداقيتها من الأساس.
ماذكره حامد عبد الصمد في هذا الشأن تنفيه تماماً الحقيقة التاريخية الثابتة التي مفادها أن "جبهة التحرير الفلسطينية" التي تم تأسيسها في المنفي عام 1964 قد تبرأت من معاداة السامية التي كانت ترعاها أوروبا آنذاك بل وكانت الجبهة تفرّق بشكل واضح بين اليهود والصهاينة.
حامد عبد الصمد إستمر في تشويه التاريخ عندما إدعي أن جماعة الإخوان المسلمين هي "التنظيم الأم لكل التنظيمات الإسلامية الإرهابية" وأن تنظيم القاعدة ليس إلا وليداً لتنظيم الإخوان المسلمين لكن عبد الصمد لم يشر أي إشارة إلي أن بعض الإسلاميين المصريين المتشددين قد سلكوا طريق العنف والإرهاب إعتراضاً علي منهج الإخوان المسلمين الرافض للعنف بل وتبرأ هؤلاء من الإخوان ومنهجهم.
حامد عبد الصمد والترسانة الدعائية للنظام العسكري في مصر
حامد عبد الصمد –بالمناسبة- كانت لديه صورة مغايرة تماماً عن الإخوان المسلمين في 2008 حيث وصف الجماعة من خلال فترة إنضمامه إليها بأنها "كانت بالنسبة إليه جماعة حديثة ومواكبة للعصر ومتحررة" وأن الجماعة قائمة "علي الحشد الأيدولوجي وليس علي النضال المسلح المباشر" وهي نفس الجماعة التي يصفها عبد الصمد اليوم بأنها "معادية للحداثة وديكتاتورية وعنيفة".
والحقيقة أن الإخوان المسلمين قد برهنوا من خلال برنامجهم الحزبي عام 2007 أنهم دون أدني شك يرغبون في المشاركة في العملية الديموقراطية كحزب سياسي إذا سُمح لهم بذلك, كما أن حامد عبد الصمد لم ير أن إقرارالرئيس المعزول محمد مرسي لدستور ديموقراطي (وإن كان فيه بعض الإشكاليات) هو أمرٌ جدير بالذكر ويستحق الإشارة إليه بل إن عبد الصمد يري أن إسقاط مرسي وعزله "ليس إنقلاباً بل ضرورة لإعادة الديموقراطية إلي مسارها".
حامد عبد الصمد لم يفقد أهليته كمفكر تنويري فقط بسبب تلك الإدعاءات التي تضع كل الإسلاميين بمختلف أطيافهم وتنوعاتهم في خانة الفاشية بل إن حامد عبد الصمد تخطي حدود الديماجوجية والدجل عندما حاول إظهار النبي "محمد" علي أنه قاتلٌ متوحش ومغتصب وأن نبي الله إبراهيم فاشي وعندما إدعي بأن "الفاشية مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالتوحيد" وهو سبب آخر يُفقِد عبد الصمد أهليته كمفكر تنويري.
وما يدعو للتعجب والدهشة هو أن ذلك الشخص الذي يصفه البعض بأنه "ناقد إسلامي" لم يواجه أي إعتراض واضح من جانب اليهود أو المسيحيين بينما واجهه الكثير من الكتّاب والمفكرين.
كاتب المقالة يوزيف كرويتورو (Joseph Croitoru) هو صحفي ومؤرخ حر مولود في مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة ,له كتب عديدة عن تاريخ الهجمات الإستشهادية وعن حركة حماس الفلسطينية.
كتبه : Joseph Croitoru
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
نقلاً عن موقع صحيفة (Süddeutsche Zeitung) الألمانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك