الأربعاء، 11 فبراير 2015

"سبايدرمان" في القاهرة

ترجمته من الألمانية : بسمة تميم
عن صحيفة "تاجس أنتسايجر" السويسرية
تم النشر بتاريخ 11 فبراير 2015

عاطف سعد - سبايدر مان المصري وسط أطفال المدارس



في حواري مصر الشعبية الضيقة والمكتظة بالسكان تطفو الكوميديا السوداء ويصبح الهروب للأعلي هو المتنفس الوحيد.

حكاية "سبايدرمان القاهري"

من المعروف أن سبايدرمان يمتلك قوى خارقة، لكنه لا يستطيع الاستيقاظ مبكرًا في السابعة صباحًا فهو يعشق النوم.. وها قد حان الوقت لنلتقي ولأول مرة مع صانع "سبايدر مان المصري" وهو حسام عاطف فاروق الطالب الجامعي، والمصور الفوتوغرافي ذو العشرين عامًا الذي ابتكر صورة مصرية مختلفة للبطل الأسطوري الأمريكي سبايدرمان حيث أحضره إلي القاهرة من أجل مشروعه الفني.

وعندما ظهر سبايدرمان في القاهرة نالت الفكرة إعجاب الكثيرين سريعًا, كما انتشرت سلسلة الصور التى التقطها حسام في جميع شبكات التواصل الاجتماعي داخل البلاد وخارجها.

يحكي حسام قصته قائلاً: في يوم من أيام الصيف الحارة، مع تكرار انقطاع الكهرباء، والازدحام المستمر داخل مترو الأنفاق بالقاهرة ذات ال 19 مليون نسمة، إضافة لارتفاع درجة الحرارة التي تشبه درجة حرارة السونا، بدأت حالتي المزاجية تزداد سوءً.

ويضيف حسام: "فجأة تحولت إلي سبايدرمان الذي يقوم بحركات بهلوانية حيث تعلق في عمود داخل عربة المترو، ويتشقلب عليه." فقد كانت لدى حسام الفكرة منذ عام ونصف وها هي الآن تتحقق.

الإزدحام الدائم

ذات مساء جلس حسام مع بعض أصدقائه على سطح منزل والديه في بولاق الدكرور، إحدى أكبر المناطق الشعبية ذات ال 800 ألف نسمة. وتسائل حسام في تلك الجلسة: "ماذا سيفعل سبايدرمان لو ظهر في مصر؟" وأضاف: أن الجميع هنا يمرون بمواقف صعبة يوميا وذلك لأنهم لا يعيشون في حي راقٍ من أحياء القاهرة.

الشارع المقابل لمنزل حسام يعتبر من الشوارع القليلة المسفلتة. السيارات تسير بجانب الشاحنات الصغيرة في الشارع الرئيسي بينما تسير عربات الكارو وعربات الخيول في الحارات الضيقة بين المنازل المبنية من الطوب الأحمر، ويتجاوز ارتفاعها ستة أو سبعة طوابق، وعلى الجانب الآخر يتجول زوجان من الماعز بين أكوام القمامة بحثاً عن الطعام. المحال التجارية لم تفتح أبوابها بعد لكن الباعة الجائلين يبيعون الطماطم والباذنجان.

أجهزة التكييف على بعض الحوائط تدل على مستوى معيشة معين لكن الجميع هنا يعرفون شعور الجلوس في التوك توك أوالوقوف في أتوبيس النقل العام المزدحم دائمًا واستنشاق عوادم السيارات الملوثة.

يوجد القليل من الأماكن المكتظة بالسكان مثل القاهرة حيث تتراوح الكثافة السكانية من 50.000 إلى 100.000 شخص لكل كيلو متر مربع. وتلك هي الأحداث اليومية التي يريد حسام تصويرها. ويقول حسام:" تلك هي الكوميديا السوداء" الكثير من المصريين يسخرون من الأمور الصعبة التي يقابلونها، لأنهم يعتبرونها غير قابلة للتغيير. 

ماذا يمكن للمرء أن يفعل إذا لم يكن بطل خارق؟ بدأ حسام التصوير منذ سنتين، ومنذ وقت قريب لم يعد التصوير بالنسبة له مجرد هدف بل رسالة، لذلك سيصبح بطل يومي في الرسوم المتحركة.

المئاذن بدلاً من ناطحات السحاب

لم يكن إيجاد بدلة سبايدرمان في القاهرة أمرًا سهلاً، لكن بمساعدة صديقه في نيويورك حصل خلال أسبوعين على البدلة بتكلفة 300 دولار وبمواصفات جيدة. وكانت البدلة مناسبة لصديقه المفضل عاطف سعد ذو الواحد وعشرين عامًا الذي يعمل طباخًا. وقال حسام: "عاطف هو الشخص الأفضل لتجسيد تلك الشخصية" فهو طويل القامة، ونحيف، ولائق بدنيًا.

تظهر أولى صور سبايدرمان وهو على سطح مئذنة صغيرة وأيضًا وهو يصلي .

ويقول حسام المتابع الجيد لجميع أجزاء أفلام سبايدرمان: "يستطيع سبايدرمان في نيويورك تسلق المباني العالية، وهذا ما أردت عرضه." ذلك هو التناقض فلدى سبايدرمان سرعة فائقة كبطل خارق وفي الوقت نفسه هو بطئ في المدينة. لقد قضينا أربعة أيام في التقاط الصور ليس فقط في بولاق الدكرور بل في وسط البلد والأحياء الأخرى. نادرًا ما تكون حركة المرور سريعة في ساعة الذروة على الكورنيش، لذلك استطاع عاطف إقناع سائق تاكسي بأن يسمح له أن يصعد على سطح التاكسي ويسير به، ولكنه استطاع أن يهرب من الزحمة بواسطة التوك توك.

سبايدرمان المصري على  CNN و BBC

وفي لقطة أخرى يتنقل عاطف في أتوبيسات عديدة متتاليه وسائرة حيثما يريد دون انتظار.. الملايين يقضون العديد من الساعات يوميًا في وسائل المواصلات العامة في القاهرة، حتى إذا كنت تبعد عن مقر عملك بعض الكيلومترات. وفي مترو الأنفاق لا يسمح إطلاقًا لحسام بالتقاط أية صور، لذلك أخفى الكاميرا داخل ملابسه في حين ارتدى عاطف زي سبايدرمان تحت الجلباب، ولم ينتبه الضباط في المحطة لذلك.

عندما صعد عاطف وهو مرتدي بدلة سبايدرمان، وحذاء أسود رياضي أعلى إحدى المباني المجاورة للمدرسة الإبتدائية، هتف التلاميذ الذين يراقبونه قائلين: "سبايدرمان.. سبايدرمان". وفي وسط ذلك قُبِض عليهم للمرة الأولى، ولكن ذلك لم يخف حسام.

على الرغم من التحاقه بكلية السياحة فهو يريد أن يكسب قوت يومه من تلك المهنة، ويتمنى أيضًا أن يمضي عقود مع حملات الدعاية. يحاول حسام من خلال مشروعاته السابقة أن يلفت الانتباه في مصر إلى تجسيد المرأة لأدوار الرجال مثل البائعون، ولاعبي كرة القدم. كما انتشرت صورة السيلفي الذي التقطها مع صديقيه ومع الجمل الضاحك في إمبابة.

هل يتجه بفكرة سبايدرمان حاليًا إلى مجالات مختلفة؟ يقول حسام الذي يود العمل في الخارج في حوار مع قناتي سي إن إن العربية وبي بي سي العربية: أن المغامرة التاليه لبطله موجودة بالفعل، لكنه لا يريد أن يحكي أيه تفاصيل عنها بسبب سرقة شركة انتاج فكرته دون أن تشتريها، أو على الأقل تستأذنه.

حسام وعاطف سوف يعملان في جميع الأحوال سويًا، ويحكيان أن أفضل موقف أمتعهما هو عند مقابلتهما للأطفال. ربما يزور البطل الخارق_سبايدرمان_ في المرة القادمة مستشفى بمصر، وليس من النادر أن يجد بها العديد من حالات الحزن، فسوف يزور المرضى لكي يرسم البسمة على وجوه بعضهم، وذلك لا يحتاج لقوى خارقة. 

نُشر بتاريخ : 2/1/2015

ترجمته من الألمانية : بسمة تميم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك