الاثنين، 30 ديسمبر 2013

جحيم الإتجار بالبشر في سيناء كما تراه صحيفة نمساوية

عن صحيفة دير شتاندرد (DER STANDARD) النمساوية

كتبته : Astrid Frefel
ترجمته من الألمانية : دعاء عباس حسن
أشرف عليه فنياً : إسماعيل خليفة

في منطقة الحدود مع إسرائيل حيث عمليات الجيش المصري يزداد وضع اللاجئين الأفارقة في سيناء سوءاً يوماً بعد يوم. فقد تعرض قرابة ال 30 ألف لاجئ أفريقي لجحيم الاختطاف والتعذيب هناك ولقي  الآلاف منهم حتفهم.


أب أريتري ومعه ابنتيه يتم أُختطافهم من داخل أحد معسكرات اللاجئين في السودان ثم يتم ترحيلهم بقوة السلاح بواسطة سيارة اتجهت بهم إلى شبه جزيرة سيناء حيث حل وأبنتيه ضيوفاً علي أحد معسكرات التعذيب.
في المعسكر تعرضوا للتعذيب وتم إغتصاب الفتاتين حتي يتم إجبار ذويهم علي دفع الفدية المطلوبة.
 الأب أعتقله الجيش الإسرائيلي بعد العثور عليه فاقداً الوعي وتلقى عقاباً قاسياً من الإسرائيلين بينما أطلق تجار الرقيق سراح الفتاتين وتركوهما في الصحراء ثم أُلقت السلطات المصرية القبض عليهما ونزلا في إحدى السجون المصرية ، وهم الآن في حاجة إلى المال لترحيلهم.

بصريح العبارة هذا مثال حي علي عمليات تجارة البشر التي تجري في سيناء والتي أهتمت بها  دراسة جديدة بعنوان " دورة الاتجار بالبشر : سيناء وما ورائها "( The Human Trafficking Cycle: Sinai and Beyond) وهي دراسة تُشرف عليها جامعة تيل بورج (Tilburg) البلجيكية كممثلة عن السياسة الخارجية الأوربية EEPA وتم عرضها على البرلمان الأوربي.
وفي إطار تلك الدراسة قام الباحثون بعمل 115 مقابلة شخصية في محطات مختلفة ووصفوا تلك الوقائع بأنها " مؤثرة وصادمة".

المعسكرات والمزاد

منذ بدء عام 2009 اختُطِف حوالي 30 ألف لاجئ من القرن الأفريقي وتم احتجازهم في صحراء سيناء لمدة قد تصل أحيانا إلى عام وذلك نظير فدية قد تصل أحياناً إلي 40 ألف دولار عن كل شخص. يبلغ متوسط أعمار الضحايا 22 عاماً تقريباً غالبيتهم من الرجال ومن بينهم كذلك أطفال وحوامل.

 هؤلاء جميعاً يُمارس عليهم التعذيب والعنف الجنسي كوسيلة ضغط ممنهجة حيث يُعاملوا معاملة البضائع ويُباعوا ويُتَاجَر بهم غير مرة.

مرادفات مثل "معسكرات" و"مزاد " و"المساومة على الثمن" يكثر سماعها في تجارة الرقيق وقيمة الإنسان يتم تحديدها كما لو كان سلعةً تجارية.

أكثر من 90% من هؤلاء اللاجئين نازحون من إريتريا التي تعاني من الحكم الدكتاتوري العسكري. والكثير منهم لا يتمكنون من الوصول إلى إسرائيل أبداً ، بل يختطفون إلى معسكرات اللاجئين بالسودان.

440 مليون يورو فدية

سداد العديد من أقارب اللاجئين في أوربا فديات كبيرة ما بين هواتف نقالة وتحويلات نقدية جعل من تلك الصفقات الابتزازية أمراً ممكناً كانت بدايته اتفاق بين ليبيا وإيطاليا عام 2009 يتعلق برد اللاجئين إلى ليبيا.

إن شبكات الإتجار بالبشر في السودان و سيناء تتألف من رجال قبائل محليين وعصابات إجرامية مدعومة من موظفين حكوميين فاسدين.

ويري الصحفي المصري "أحمد أبو دراع" والحاصل علي جائزة سمير قصير للصحافة أن السلطات الأمنية في سيناء تعرف أسماء المهربين وأوكارهم. وقُدّرت الفدية التي استُنزفت جراء صناعة التهريب حوالي 440 مليون في السنوات الخمس الأخيرة. وفقا لتقديرات الحكومة لقى خلالها ما يتراوح بين 5 إلى 10 آلاف شخص مصرعهم.

وحتى بعد تقسيم منطقة الحدود بين مصر وإسرائيل والعمليات العسكرية واسعة النطاق في سيناء ضد المتطرفين الإسلاميين بعد عزل الرئيس محمد مرسي في منتصف العام الجاري لا يزال ضحايا المتاجرة بالبشر في وضع لا يُحسدون عليه. ولا يُكشف الغم بدفع الفدية إذ يموت الكثير منهم في الصحراء جراء التعب والإعياء. وفي أفضل الأحوال ينجح بعضهم في الفرار إلى القاهرة وهو ما يكلفهم قرابة ال 1000 دولار وقد يتم القبض عليهم وإيداعهم أحد السجون المصرية.

 ومما يزيد الطين بلة هو أن الإيرتيين لا يملكون حق اللجوء إلي مصر. حيث يتكفلون بأنفسهم باستخراج تذاكر الطيران وجواز السفر.

 صحيح أن مصر وقّعت على الاتفاقية الدولية لمحاربة تجارة البشر لكنها لم تعبأ بتطبيقها حيث يتم تجريم الضحية وترك الجاني بلا عقاب يجّرم الضحايا .

دوامة لامبيدوزا القاتلة

منذ أن غطت إسرائيل منطقة الحدود مع مصر إنخفض التسلل الغير شرعي عبر الحدود إنخفاضا ملحوظا فعلى سبيل المثال بلغ عدد الفارّين في يوليو 2012 قرابة 1500 هارب بينما بلغ عددهم بعد مرور عام 1000 هارب فقط.

ويرجع ذلك إلى تعاون حرس حدود كلا البلدين. وقد يصل الأمر إلى حد إطلاق الرصاص. وإسرائيل بصدد تشديد تطبيق قانون منع التسلل. وحتى الناجون من سيناء لا يتمتعون بالحماية الكافية. ومنذ تقسيم منطقة الحدود يتجه الفارّون إلى الهروب إلى أوروبا عن طريق ليبيا. بعضهم كانوا من بين ضحايا مأساة "لامبيدوزا" في 3 أكتوبر الماضي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك