مصر تعلن الإخوان المسلمين منظمة إرهابية
ترجمته من الألمانية : دعاء عباس حسن
حظر جماعة تمتد جذورها إلى 80 عاما. فمن ينتمي الآن إلى جماعة الإخوان أو يتعاطف معهم عليه أن يخشى ليس على حريته فحسب وبل وعلى حياته أيضا. إذ لم يعنِ أصحاب السلطة الجدد بالمصالحة بل بتأمين حكمهم ما من شأنه أن يدفع إلى مزيد من العنف.
تعليق توماس أفيناروس من القاهرة
أمام مقر قيادات الشرطة لإحدى المحافظات انفجرت قنبلة , داخل المقر كان الموظفون وخارجه مارُّون وسكان وسيدات وأطفال. دفع ثمن الاعتداء في المنصورة أكثر من 130 مصاب. وما إن مر يومان حتى كانت قنبلة أخرى تنفجر في موقف حافلات أمام جامعة ، ومرة أخرى يقع ضحايا. ولن يطل بنا الانتظار حتى يفاجئنا اعتداء جديد سواء في العاصمة أو في إحدى المحافظات. أحكم الإرهاب قبضته على مصر.
لايمكن تجاهل هذا. بعد مرور نصف عام على عزل العسكر للرئيس المنتخب محمد مرسي لا يزال النظام الجديد يعلق الإجابة على كيفية تجاوز تقسيم البلاد وكيف أن هذا الأمر يشمل الإسلاميين الذين جُردوا من السلطة وأنصارهم إلى العملية السياسية. ولكن بدلا من ذلك يعلن المختلفون معهم الحرب ، والآن وُصمت جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابية.
كل متعاطف يضع حياته على المحك
المنظمة التي ينتمي إليها الرئيس الذي اٌنتخِب في صيف 2011 وعُزِل بعد ذلك بعام على يد العسكر هى الآن عدو الشعب رقم واحد. فمن ينتمي الآن إلى الجماعة أو يتعاطف معها أو يشارك في إحدى مظاهراتها فهو يخاطر بحريته وربما بحياته. اتضحت العواقب للعيان: غالبية أنصار الإسلاميين أعرضوا عن الإخوان المسلمين بدافع من الخوف. إلا أن فئة قليلة تطرفت واتبعت الإرهاببين الجدد. ليس لأن المتشددين حاولوا أن يستغلوا الإسلاميين أثناء فترة حكمهم , فهم لم يكونوا على قدر من الكفاءة السياسية ولا الفطنة الأيديولوجية.
مصر واعتداء جديد في القاهرة
في قلب أحد شوارع القاهرة انفجرت عبوة ناسفة في حافلة ، وتعتبر الثانية من نوع الانفجارات الثقيلة خلال أيام قليلة. وينتاب الكثيرين الخوف الآن من تصعيد أعمال العنف قبيل الاستفتاء على الدستور في يناير.
حماية السيادة
ربما أقحم بعض القادة أنفسهم مع الإرهابيين ، وهذا ما على المحكمة أن تتبينه. وكان أكثر ما أُخذ على حكم الإسلاميين أنهم يتعمدون تقسيم البلاد. لم يكن عبثا إذن أن صفق الشعب خائب الأمل للانقلابيين.
فقط : لذلك لا يمكن للدولة أن تجرّم ببساطة جزء من مواطنيها دون تبصُّر. إذ ينتمي آلاف المصريين إلى جماعة يمتد تاريخها إلى 80 عاما، ويتعاطف معها الملايين وملايين أخرى ساندتها الإخوان اجتماعيا لعقود والآخرون إما عالجوهم في المشفيات ، علموهم في المدارس ، بادلوهم الهدايا في الجامعة أو عززوهم سياسيا.
ولكن لا تكاد تندرج المصالحة على رأس مطالب الحكام الجدد. فلا يدور بخلدهم سوى حماية سيادتهم.
ولتحقيق ذلك على جميع الإخوان المسلمين أن يُرسلوا إلى المحكمة ويُزج بهم في السجن. وفي بلدة هى مولد الإسلام السياسي لا يظللها الأمن. ودائما سيوجد المزيد من الإسلاميين في مصر ، ولن يكون احتجازهم جميعا بالأمر اليسير.
الإسلامية هى جزء من المجتمع المصري
حاول القادة السابقون – بدءا من معبود الجماهير عبد الناصر وحتى الديكتاتور المعتدل حسنى مبارك – حاولوا ذلك دون جدوى. فالإسلامية هى جزء من المجتمع المصري. لا يمكن أن يُستأصلوا منه. بل الأفضل أن يُحال دون وصولهم إلى السلك السياسي.
لكن قوى الانحياز في القاهرة لا تضع ذلك الأمر قيد التنفيذ. فالسياسة الذكية ليست من اهتماماتهم. إذ وضعت دولة الشرطة من عهد عبد الناصر ومبارك مصلحتها أولا في الاعتبار ، فكان القمع من نصيب كل من يخالفهم سياسيا. لذلك لم يُقدّم فقط الإسلاميون إلى المحكمة بل كل شاب ناشط منذ عام 2011 : الاحتجاجات والمظاهرات غير مرغوبة في مصر الجديدة القديمة.
بعد العنف يأتي الإرهاب
بوجه عام هناك خطر كبير يأتي من ناحية أخرى : هى ناحية المحاربين. حيث يكمن خلف انفجار القنبلة في محافظة المنصورة جماعة خفية لم تنشط سوى في شبه جزيرة سيناء وهم "أنصار بيت المقدس" والذين يسعون إلى تبرئة " دم المسلمين الطاهرين الذي سفكته الحكومة الملحدة".
وها هو مناخ سياسة التقليص الداخلية : وفيها يتعرض كل نوع من المعارضة منذ عزل مرسي إلى موجة قمع عاتية. اتخذها مفجروا القنبلة ذريعة رخيصة لجرائمهم.
ويتبع الإرهاب عنف مضاد من الدولة الوليدة. وتدور الدائرة وتنفتح الحكومة مع القوى المضادة لمكافحة الإرهاب. وتعتذر لرافضيها في السياسة العملية التي لا توفر لها أماكن عمل ولا تضع لها رؤية مستقبلية.
وأمام تلك الخلفية تستعد مصر لعبور مرحلة الديمقراطية ؛ دستور جديد وانتخابات حرة. في أجواء القمع الداخلي وإرهاب المحاربين يمكن لذلك أن يتم عندما ينتويه أصحاب السلطة ولن ينجح الأمر في التقدير الإنساني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك