البريطاني نيكلنسون والنعمة الزائلة
تعليق : إسماعيل خليفة
عن
ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون
فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) رواه البخاري)
البريطاني نيكلنسون والنعمة الزائلة
صدقت يا رسول الله فالصحة نعمةٌ عظيمة ما بعدها نعمة لكن الإنسان لا يُدرك قيمة تلك النعمة إلا إذا زالت منه ولو لوقت قصير ولعل في قصة البريطاني توني نيكلسون خير دليل علي ذلك وحتي تتعرف علي قصة ما حل بنيكلسون من بلاء عليك بقراءة الخبر التالي : البريطاني توني نيكلنسون يخسر قضيته والمحكمة تحكم عليه ب "الحياة" والمترجَم عن مجلة "دير شبيجيل" الألمانية وسوف أوجز قصته في عجالة سريعة : توني نيكلسون هو مهندس معماري بريطاني أُصيب في إحدي رحلات العمل الرسمية بجلطة دماغية أدت إلي إصابته بما يُسمي "متلازمة المنحبس" وهي حالة مرضية يكون فيها المريض في حالة استيقاظ ووعي و لكنه غير قادر على التواصل الشفهي مع الآخرين بسبب كونه في حالة شلل كامل لكل عضلاته الإرادية عدا عضلات العينين.
هكذا بدأت مأساة نيكلسون والذي لايملك أي وسيلة تواصل مع العالم الخارجي سوي الإيماء بعينيه حيث تقوم زوجته بإستخدام برنامج حاسوب من ترجمة حركات عينيه إلي حروف ومن ثم إلي كلمات حتي يتمكن من التواصل مع العالم الخارجي .
تخيل أنك محبوس داخل جسدك وأنت بكامل قواك العقلية ولا تستطيع تحريك شفتيك ولا يديك ولا رجليك ولا أي عضلة في جسدك سوي عضلات عينيك ...لا تسطيع المضغ ولا تستطيع الكلام ولا تستطيع ولا تستطيع ولاتسطيع....
نيكلنسون لايستطيع أن يمسح أنفه إذا عطس ولا يستطيع مضغ الطعام حيث يتم إدخال السوائل إلي جوفه عبر خرطوم طبي ...نيكلسون لايستطيع أن يهش ذبابة تقف علي وجهه ولا يستطيع أن يغير وضعية نومه...
هل أدركت حجم المأساه؟؟ هل حمدت الله علي نعمة الحركة ؟ وهل حرّكت عضلاتك "السليمة" فيما يرضي الله سبحانه وتعالي؟؟
نيكلنسون كره حياته ويكافح منذ سنوات للحصول علي حكم قضائي يبيح للأطباء مساعدته علي الإنتحار...هل تعلمون لماذا؟ لأنه لا يستطيع حتي أن ينتحر
رفع نيكلسون قضية أمام القضاء البريطاني لكنه خسر القضية فقد حكمت المحكمة بعدم جواز مساعدته علي الإنتحار حيث يعتبر ذلك قتلاً , لكن نيكلنسون لم يفقد الأمل وسارع إلي إستئناف الحكم . إنه يصارع من أجل الحصول علي حكم "الإعدام" بينما يصارع مئات البشر من أجل النجاة من حكم الإعدام.
تبقي وقفة أخيرة وهي أن نيكلنسون ليس صاحب الحالة الصحية الأسوأ فهناك بالتأكيد من هم أشد منه بؤسا وشقاءاً لكننا لا نعرف عنهم شيئاً ...نيكلنسون لم يعرف له رباً يدعوه ويناجيه ولو بقلبه فقط ولو بإيمائة بعينيه...لذلك يصارع من أجل الإنتحار ولو علم نيكلنسون أن له رباً خالقاً قادراً علي شفائه مكفراً بهذا البلاء قدراً كبيرا من سيئاته لما حارب من أجل الإنتحار.
في النهاية لا أقول إلا : "الحمد لله الذي عافاني مما إبتلي به غيري" "اللهم لك الحمد علي كل نعمة أنعمتها علينا ظاهرةً وباطنةً أعلمها أو لا أعلمها اللهم آمين" "اللهم إنا نسألك العفو والعافية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك