الثلاثاء، 15 يوليو 2014

صحيفة ألمانية : غزة من إسحاق شامير إلي إسحاق رابين

ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
عن صحيفة (Die Welt) الألمانية
15 يوليو 2014

رئيس وزراء إسرائيل ليفي إشكول : "غزة شوكة في حلقنا نحن الإسرائيليون"





في (الجزء الأول) من التقرير تحدثت الصحيفة عن الإغراءات التي قدمها الإحتلال الإسرائيلي لسكان قطاع غزة من أجل كسر إرادتهم وتطويعهم لقبول الإحتلال وفي هذا الجزء نكمل القصة.

إعتقد الإسرائيليون أنهم من خلال الإغراءات الإقتصادية وتحسين النظام التعليمي والصحي في القطاع وإدخال التلفزيونات ووسائل الترفيه أنهم بذلك كسبوا ود الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة وقد شهد الإقتصاد الغزاوي إنتعاشاً كبيراً وإزدهاراً غير مسبوق في الفترة ما بين عامي 1968 و1973 حيث نما إقتصاد غزة بنسبة 20% تقريباً لكنه كان مرتبطاً إرتباطاً كلياً بالسوق الإسرائيلية والإقتصاد الإسرائيلي.



كل هذه الإغراءات قوبلت برفض صريح للإحتلال من السكان الفلسطينيين الغزاويين وتم تنفيذ أكثر من 700 عمل مناهض لإسرائيل في عام 1969 وحده وكان مقاتلو "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" يقومون بتفتيش حواري مخيمات اللاجئين بحثاً عن أي فلسطيني يثبت تعامله مع الإحتلال الإسرائيلي وفي 2 يناير 1971 قام صبي إسرائيلي -15 عاماً- بإلقاء قنبلة علي سيارة إسرائيلية كانت تستقلها عائلة إسرائيلية لقضاء العطلة في غزة ولقي طفلان مصرعهما فيما أصيب الوالدان بجروح وكان آرئيل شارون وقتها مكلفاً من وزير الدفاع موشي ديان ب"ترضية" الفلسطينيين في غزة لكن ذلك لم يكن سوي محاولة للعب بالألفاظ فشارون كان معروفاً بقسوته الشديدة وآخر شيئ يمكن لشارون تقديمه للفلسطينيين هو "الترضية".

وظهر ذلك واضحاً من خلال تزايد الشكاوي الخاصة بإنتهاك شارون لحقوق الإنسان وسوء معاملته للفلسطينيين وقيامه بعمليات إذلال وإهانة ممنهجة للغزاويين وقامت وحدات عسكرية سرية تابعة لشارون بالإختلاط وسط الفلسطينيين وكانت تقوم بعمليات إعدام للمشتبه فيهم بالقيام بمحاولات هروب حيث كان يتم إطلاق النار علي ظهورهم بينما كان شارون يقوم بهدم صفوف من منازل الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين كثيفة السكان حتي يفتح طريقاً لدباباته ومجنزراته وآلياته العسكرية وحتي يتمكن من رؤية أفضل لما يجري داخل تلك المخيمات المكتظة.

قيادة الأركان الإسرائيلية بدأت تقلق من تصرفات شارون وهو ما دفع أحد القادة للإستقالة من منصبه إحتجاجاً علي تصرفات شارون غير المسئولة لكن شارون إستطاع أن يجهض المقاومة الفلسطينية في غزة حيث قام بتصفية المقاتلين وطرد ما تبقي منهم خارج غزة وهو ما دفع أحد القادة بالجبهة الشعبية إلي الإنتحار.

وبذلك عاد الهدوء إلي غزة لمدة 10 سنوات لكنه كالعادة كان الهدوء الذي يسبق العاصفة.

فقد أدت ممارسات إسرائيل إلي تنامي السخط الفلسطيني حيث قامت إسرائيل مثلاً بمنع نشر رواية "تاجر البندقية" لوليام شكسبير في غزة بحجة أنها قد تؤدي إلي تنامي معاداة السامية بين الفلسطينيين.

كما قام الإحتلال بإلغاء المهرجانات الشعبية الفلسطينية والمعارض الثقافية من أجل محو الهوية الفلسطينية وقتل الشعور الوطني في قلوب الفلسطينيين وخضعت النقابات العمالية لرقابة الإحتلال ولم يكن مسموحاً بعضوية تلك النقابات سوي لمن توافق عليهم إسرائيل أمنياً وكانت مجالس إدارات النقابات والإتحادات العمالية لا تخلو من مسئول إسرائيلي بل لقد قام الإحتلال بتغيير علم النقابات الفلسطينية حيث كان مأخوذاً من العلم الفلسطيني.

وكان الإحتلال يقوم بإعتقال محافظي غزة ثم الإفراج عنهم إذا هم تحدثوا في السياسة وكان جهاز الدفاع المدني خاضعاً لقيادة جنرال إسرائيلي.

إضعاف الحركة الوطنية الفلسطينية بقيادة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" كان مهمة رئيسية للإحتلال في السبعينينات وقد رأت إسرائيل في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وبعض التنظيمات الإسلامية الأخري بديلاً مُرَحَباً به في غزة حيث قامت إسرائيل بمنح الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس تصريحاً بإنشاء جمعية خيرية بل قام الحاكم العسكري الإسرائيلي لغزة "إسحاق سيجيف" بتوفير رعاية طبية للشيخ في مستشفيات إسرائيل لكن بمجرد العثور علي أسلحة بحوذة بعض أنصار الشيخ ياسين في عام 1984 تم إعتقال الشيخ وإيداعه السجن لكنه خرج من السجن لاحقاً.

بعد أربع سنوات من إعتقال الشيخ أحمد ياسين إندلعت الإنتفاضة الفلسطينية الأولي في مخيم جباليا للاجئين وأعلن الشيخ أحمد ياسين تأسيس حركة المقاومة "حماس" وبدات الضربات تلاحق الإحتلال وسقط مئات الإسرائيلين قتلي في عمليات إستشهادية نفذها مقاتلو الحركة بداية من عام 1993.

وردت إسرائيل بإغتيال قادة الحركة ومنهم الشيخ أحمد ياسين لكن سرعان ما تم تعويض القادة القدامي بقادة جدد وأصبحت حماس بفضل أنشطتها الخيرية والإجتماعية بديلاً سياسياً لحركة فتح التي تثار حولها شبهات فساد.

نهاية فترة الثمانينات شهدت شداً وجذباً بين وزير الدفاع الإسرائيلي "موشيه أرينز" ورئيس وزرائه "إسحاق شامير" حيث كان "إرينز" يقترح التخلي عن قطاع غزة لأنه بات يشكل عبئاً علي إسرائيل لكن "شامير" كان يرد عليه بقوة : "غزة هي جزء من دولة إسرائيل".

لكن رؤية شامير لم تجد من يدافع عنها حيث أعلن إسحاق رابين الإنسحاب من القطاع عام 1993 مع بقاء سيطرة إسرائيل علي 24 مستوطنة وممر أمني في شمال وجنوب القطاع.

ثم جاء أرئيل شارون وقام بإخلاء جميع المستوطنات في 2005 لكن كل هذا لم يمنع تنامي السخط الفلسطيني في قطاع غزة وقامت حماس بالوصول إلي السلطة الكاملة في القطاع ووضعت مناطق واسعة من إسرائيل تحت مرمي نيران مقاتليها.

وهكذا تظل غزة ألماً مزمناً ينهش جسد الإحتلال تدفع إسرائيل إلي مناقشة بدائل جديدة منها تغيير نظام حماس بالقوة أو إعادة إحتلال القطاع وجميعها بدائل غير واقعية وتم تجربتها من قبل وفشلت ولم تزد الامر بالنسبة للإسرائيليين إلا سوءاً.

لقراءة الجزء الأول من التقرير :

صحيفة ألمانية : غزة "شوكة في حلق الإسرائيليين"

التقرير مترجم لموقع (صحافة ألمانية)
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك