صحيفة "Tageszeitung" الألمانية : السوريون لم يعد مرحباً بهم في مصر بعد إسقاط مرسي.
"قصة مواطن سوري مع المعاناة في البلد الذي ظن أنه وطنه الثاني"
كتبه : DANIEL ETTER
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
السوريون ليس مرحباً بهم في مصر بعد إسقاط مرسي |
بإسقاط مرسي تغير وضع اللاجئين السوريين في مصر كثيراً فقد تم طرد المئات منهم وإعتقال البعض ورفض دخول البعض الآخر إلي البلاد.
لم يستطع البقاء أكثر من ذلك. وبعد عدة أيام من الهروب في أجواء مفعمة بالخوف وأصوات قذائف الهاون وطلقات المدافع الرشاشة وحيث عمليات الخطف في كل مكان ورائحة الموت تفوح في الأجواء تمكن المواطن السوري حسن أحمد جمعة – 48 عاماً – من الهرب من جحيم سوريا إلي مصر وهي البلد التي يرحب أهلها بأشقائهم السوريين. جمعة عامل ومتزوج ولدية 5 أطفال.
جمعة وعائلته وصلوا إلي مصرفي أوائل يونيو أي في فترة حكم الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين حيث سمحت حكومة مرسي بدخول السوريين الي مصر بدون تأشيرة وسمحت لأبنائهم بالإلتحاق بالمدارس المصرية وبالعلاج في المستشفيات الحكومية المصرية وظن جمعة أنه إرتاح أخيراً من عذاباته ومعاناته.
إستأجر جمعة له ولعائلته شقة سكنية في منطقة شعبية بالقرب من شارع تجاري يسميه الناس "سوريا المصغرة" وذلك لإنتشار الباعة السوريين فيه بمأكولاتهم السورية الشهرية مثل الفلافل والكنافة وغيرها وهو ما يعطي إنطباعاً بأنها الوطن سوريا لكن بلا قنابل وبراميل متفجرة.
كان سائقو التوك توك يرحبون بجمعة وأسرته دائماً بعبارة "أهلاً وسهلاً بكم" وكل شيئ كان يبدو علي ما يرام إلا أن حدث الإنقلاب العسكري وتم إسقاط مرسي حيث تغير وضع السوريين فجأة وتبدل حالهم بعد أن بدأ الجيش في إستخدام العنف ضد معارضيه وراح يعتقل الكوادر القيادية والمؤيدين للإخوان المسلمين وقام بفض إعتصام رابعة العدوية بوحشية بالغة وقتل المئات من مؤيدي مرسي وبدأ إعلام العسكر في إعلان حكومة مرسي ومن يتضامن معها إرهابيين خارجين عن القانون ودخل في قائمة هؤلاء الإرهابيون اللاجئون السوريون في مصر والذي إعتبرهم الإعلام المصري الموالي للإنقلاب إرهابيين موالين لمرسي والإخوان المسلمين.
حملة التحريض ضد السوريين
"هل رأيتم كيف أن الشعب لا يلعب؟ هذا الشعب لن يسمح لأي جاسوس أو متسلل أن يدمر إنتصاره العظيم" هكذا وجه مقدم البرامج الشهير توفيق عكاشة رسالته إلي السوريين المقيمين في مصر وتابع عكاشة قائلاً : " بعد 48 ساعة إذا ظللتم في صف الإخوان فسيقوم الشعب بتدمير منازلكم ولديهم عناوينكم جميعاً" وهو الرجل الذي يصدقه ويلبي تحريضاته كثير من المواطنين المصريين وكان أولا رد فعل علي تصريحات عكاشة وتحريضه هو أن جمعة سمع مواطنة مصرية في الشارع الذي يسكن فيه تردد ما يقوله عكاشة بل وتزيد علي ذلك قولها : "جميعهم كانوا في رابعة. إنهم هم من يهاجموننا نحن المصريين". سائقو التوك توك بدورهم أعلنوا لجمعة أن السوريين ليس مُرَحباً بهم في مصر بعد اليوم.
معاناة جمعة ليست في كون الناس في الشارع المصري بدأت تهاجمهم بل الأدهي من ذلك أن الحكومة الجديدة نفسها تعتبرهم غير مرغوب فيهم حيث أنها تميل إلي صف النظام السوري الحاكم وهو عكس ما كانت عليه حكومة مرسي الداعمة للثورة السورية وبدا الأمر واضحاً من قرار أعادة فتح السفارة السورية بالقاهرة والتي كان مرسي قد أغلقها قبل شهور وفجأة أصبح اللاجئون السوريون في حاجة إلي تأشيرة دخول وتم رفض دخول المئات إلي المطارات المصرية ولم يعد بمقدور اللاجئين السوريين إلحاق أبنائهم في مدارس مصرية وهو ما يثير مخاوف جمعة من حرمان أبنائه من التعليم هنا في مصر كما حرموا منه في سوريا.
أمر يدعو للإستنكار
بعد إسقاط مرسي بأيام قليلة طرق رجال الشرطة المصريون باب شقة جمعة وأخبروه أنهم يحتاجون مساعدته في التعرف علي بعض السوريين في منطقة مجاورة. جمعة ذهب معهم لكنه أكتشف لاحقاً أنهم قد أعتقلوه هو وأحد جيرانه.
جمعة ليس المعتقل السوري الوحيد فبحسب تقرير لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئينن (UNHCR) فإن 143 لاجئ سوري تم إعتقالهم في الشهريين الماضيين وقد تم طرد أكثر من ثلث هؤلاء المعتقلين خارج البلاد حيث خيّرتهم السلطات المصرية بين الترحيل إلي الأردن أو إلي تركيا.
الجدير بالذكر أن أغلب المنظمات الإغاثية التي تهتم بمعاناة اللاجئين السوريين هي منظمات خيرية قريبة من جماعة الإخوان المسلمين أو تقوم الجماعة بتمويلها وقد أوقفت جميع تلك الجمعيات أنشطتها الآن ويوم بعد يوم لا يكاد السوريون يحصلون علي أي دعم.
جمعة يقول أخيراً أن الأمر بالنسبة له سيان من يتولي مقاليد الحكم في مصر ولا يهمه هذا الأمر إطلاقاً مضيفاً : "لو كنا نريد أن نخرج في مظاهرات لفعلنا ذلك في سوريا".
اللاجئون السوريون أمثال جمعة هم ضحية أخري من ضحايا الصراع السياسي المصري.
"لو كنت أعلم ذلك لبقيت في سوريا وما غادرتها" كانت هذه آخر كلمات جمعة معقباً علي ذلك المشهد الحزين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك