الاثنين، 25 نوفمبر 2013

صحيفة "دي تسايت" الألمانية : موجة الكراهية الجديدة تجاه اللاجئين السوريين في مصر.

كتبه : MOHAMED AMJAHID
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة 

في البداية كان يتم الترحيب بهم بود ومحبة أما الآن فيتم التمييز ضدهم ووصفهم بأنهم "مرتزقة الإخوان" لكن أسوأ أنواع التمييز وأعنفها تمارسه الدولة المصرية ذاتها ضد هؤلاء اللاجئين.

هكذا بدأت الصحيفة تقريرها حول معاناة اللاجئيين السوريين في مصر بعد الإنقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وأضافت قائلةً :

يوماً ما كانت مصر من أحب البلاد إلي قلب كل السوريين الباحثين عن ملاذ آمن من الحرب الأهلية الدائرة في بلادهم وقبل شهرين من اليوم كان السوريون يلقون أفضل تحية وترحاب من المصريين وراح السوريون يحدثون تغييراً في قائمة الطعام المصري بمطاعمهم الصغيرة وأكلاتهم المميزة ويبيعون العطور ويحيكون الملابس المطرزة ويقومون بأعمال لا يرغب أحد في القيام بها لكن الوضع الآن إختلف تماماً.
يقول بلال – الحلاق السوري المقيم بمدينة نصر : "الوضع تغير الآن. فمنذ سقوط الرئيس محمد مرسي أصبح الكثيرون يكرهوننا وبشكل مفاجئ. فمالذي جري؟"

موجة العداء تلك تجاه السوريين بدأت مع مظاهرات 30 يونيو والتي إنتهت بإسقاط الجيش لمرسي في 3 يوليو ثم تلا ذلك بدأ الإعلام المصري حملة شرسة ضد "أعداء الوطن الملتحيين" وفي وسط تلك المعمعة كتب أحد الصحفيين أن كل السوريين والإخوان المسلمين إرهابيون وهو ما روجته العديد من الصحف والقنوات ومنذ ذلك الحين أصبح "أشقاء الدم" من السوريين اللاجئين من حلب وحمص وساحات الحرب الأهلية غير مرحب بهم علي أرض مصر.

الجيش والشرطة يستفيدان من الحملة السلبية ضد السوريين

لقد شاركت قلة من السوريين في إعتصام رابعة العدوية باحثين هناك عن مآوي وشيئ يقتاتون عليه من الجمعيات الخيرية للإخوان المسلمين إلا أن التلفزيون الرسمي المصري وبعض القنوات الفضائية الخاصة بثت صوراً لما قالت أنهم مجاهدون سوريون في سيناء ويتسائل بلال –الحلاق السوري اللاجئ- حتي لو كان كل ذلك صحيحاً لماذا يتم وضع جميع اللاجئين السوريين البالغ عددهم قرابة 300 ألف لاجئ في دائرة الشك والإشتباه؟.

بلال لا يفضل التعليق عما يحدث علي الملأ لكنه يعطينا تحليله البسيط الهامس حول الوضع الراهن فيقول : "المصريون يفعلون كل ما يقال لهم من فوق (يقصد النظام الحاكم) فعندما يأمر رئيسهم بالترحيب بالسوريين يرحبون بنا ويلقوننا بالورود وعندما يأتي الأمر من فوق بأننا معاونون للإرهاب يبدأون في معاداتنا وكراهيتنا كما لو كنا ألد أعدائهم".
الجيش والشرطة في مصر يستفيدان من تلك الحملة السلبية ضد السوريين فهذا يعطيهم سبباً وجيهاً لإبادة الإخوان المسلمين والذين كونوا –علي حد زعم الجيش والشرطة- مع "المرتزقة السوريين" منظمة إرهابية دولية لابد من محاربتها بالدبابات والمخابرات وهو ما يذكرنا بنفس كلام الرئيس جورج بوش الإبن عندما أعلن الحرب علي "محور الشر".

أحمد عوض الله من هيئة مساعدة اللاجئين في أفريقيا والشرق الأوسط Africa Middle East Refugee Assistance) ) يقول أنه منذ إسقاط الرئيس مرسي أصبح الوضع الأمني المتأزم مؤثراً جداً علي اللاجئين السوريين وأصبح يمسهم بشكل مباشر ويضعهم في محنة فوق محنتهم ففي الإسبوعيين الأخيرين تم إعتقال حوالي 300 لاجئ سوري بعضهم دون أدني سبب.

عودة مرة أخري إلي صديقنا بلال الحلاق السوري اللاجئ في مصر والذي يتابع بشغف عبر شاشة التلفزيون الموجودة بصالون الحلاقة وعلي قناة الجزيرة القطرية الأخبار الخاصة بالإستعدادات الأمريكية لتوجية ضربة عسكرية لسوريا. ومن المعلوم أن قناة الجزيرة يتم تصنيفها وحصرها في نقطتين : وهما أن الجزيرة فيما يخص الشأن السوري معارضة لنظام الأسد وفيما يخص الشأن المصري مؤيدة للإخوان لذلك فإنه بمجرد أن إنتقل مذيع الجزيرة من أخبار سوريا إلي أخبار مصر أسرع بلال إلي جهاز التحكم عن بعد "الريموت" ليغير القناة حتي لا يتهمه المارة بأنه من مؤيدي "قناة الإخوان" وبالتالي يكون هدفاً للهجوم والتعرض للمضايقات وهو الأمر الذي جعل بلال لا يتنقل سوي من مقر سكنه إلي مقر عمله ولا يتدخل في الحديث عن الشأن المصري أبداً.

وتحدثت الصحيفة في الجزء الثاني من التقرير والذي جاء تحت عنوان "طائرة كاملة تقل لاجئين سوريين تم إعادتها من حيث جاءت" عن وضع السوريين في مصر وتواجدهم الكثيف في مدينة السادس من أكتوبر وكيف أنهم قوبلوا في البداية بالترحاب وكانت إيجارات المنازل مناسبة وكيف أن البعض يري في كثرة أعداد السوريين في المدينة نوع من أنواع الغزو إلا أن الجفاء الأكبر والعداء من جانب السلطات في مصر بدا أكثر وضوحاً فالموظفون يتعنتون في منح تأشيرات الدخول للاجئين السوريين ويتلكئون في منحها عمداً لدرجة أن أغلب اللاجئين بدأوا يتخوفون من طلب الحصول علي تأشيرة الموافقة علي دخول البلاد بالطريق الشرعي خوفاً من التأخر في منحها بل إن طائرة تقل لاجئين سوريين قد تم منعها من إنزال ركابها من اللاجئين وتم إرسالهم مرة أخري من حيث أتت.

وقالت الصحيفة أن إلزام السوريين بطلب الحصول علي تأشيرة دخول هو إجراء جديد أصدرته الحكومة الإنتقالية الحاكمة الآن في مصر وفي هذا الصدد يقول أحمد عوض الله ممثل إحدي مؤسسات مساعدة اللاجئين : "إن قرار السلطات في مصر بإلزام السوريين اللاجئين إلي مصر بالحصول علي تأشيرة دخول هو طعنة خنجر في قلوب أولئك اللاجئين الهاربين من الحرب المستعرة في بلادهم" ونقلت الصحيفة عن السفير محمد الدايري  الممثل الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في مصر أمله أن تهدأ تلك الحملة الشعواء ضد السوريين في الإعلام المصري ويضيف الدايري أن السوريون باتوا يواجهون مشكلة أخري بعد تصنيف الحكومة الإنتقالية لهم علي أنهم "رعايا أجانب" حيث أنهم لن يتمكنوا من إلحاق أبنائهم بالمدارس المصرية كما كان الحال قبل إسقاط مرسي وعليهم الخوض في إجراءات طويلة وروتينية معقدة للحصول علي مكان في المدارس الحكومية المصرية والتي لا يتاح فيها الكثير من الأماكن لهذه النوعية من التلاميذ الأجانب.

ويقول السفير محمد الدايري أنهم يتفاوضون مع وزارة التربية والتعليم المصرية للحيلولة دون أن تفقد سوريا مستقبلها (بمنع أطفالها وشبابها من الحصول علي قسط من التعليم) في الوقت الذي نصح فيه الدايري اللاجئين السوريين المقيمين في مصر بعدم التصرف بطريقة تلفت الأنظار إليهم والبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها مع حلول الظلام وأن ينتظروا حتي يتحسن وضعهم السياسي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك