الأربعاء، 11 يونيو 2014

مبادئ أم مصالح؟ الموقف الأوروبي المتخبط في مصر (مقال مُتَرجَم)

كتبه : Karim El-Gawhary 
في مقال له بصحيفة (Die Presse) النمساوية
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
موقف الإتحاد الأوروبي من مصر مصالح أم مبادئ؟
هل كان من الواجب مراقبة إنتخابات معروف مسبقاً أن الأجواء التي أُجريت فيها تشوبها شائبة؟ هل كان من الواجب مراقبة إنتخابات يمثل مجرد الوجود الأوروبي فيها إضفاء قدر من الشرعية ؟

نعم...هكذا كانت إجابة الإتحاد الأوروبي ومن ثّم قام بإرسال فريق مراقبيه لمتابعة الإنتخابات الرئاسية في مصر. 

لقد أظهر تقرير لجنة المراقبين الأوروبيين للإنتخابات المصرية مدي تخبط الموقف الأوروبي من الأحداث في مصر. فكيف للإتحاد الأوروبي أن يراقب إنتخابات يعرف العالم كله أنها تأتي في إطار حالة من الإنقسام السياسي الشديد؟

وكيف يتحدث الغرب عن إنتخابات ومراقبة إنتخابات بينما تشير التقارير إلي وجود أكثر من 40 ألف معتقل سياسي في البلاد؟

كيف يتحدث الغرب عن إنتخابات في البلد الذي عزل فيها الجيش الرئيس القادم عن طريق إنتخابات؟

كيف يتحدث الغرب عن إنتخابات في البلد التي تم فيها إقصاء أقوي حركات المعارضة السياسية فيها وهي جماعة الإخوان؟

كيف يتحدث الغرب عن إنتخابات في بلدٍ يُعتقل فيه الصحفيون ويتم الحكم فيه بإعدام أكثر من 700 شخص في محاكمة سريعة؟

لقد أظهر قرار الإتحاد الأوروبي إرسال مراقبين للإنتخابات الرئاسية المصرية مجاملةً بلهاء من الأوروبيين الذين راحوا يراقبون إنتخابات كتلك الإنتخابات بدلاً من الدعوة إلي "توسيع المجال السياسي" و"إشراك جميع القوي السياسية".

لقد راح الأوروبيون يعطون إنطباعاً كما لو كانت مصر بالفعل علي طريق الديموقراطية لكن منظمة "الديموقراطية الدولية" (Democracy International) كانت أكثر وضوحاً من بعثة الإتحاد الأوروبي حينما قالت : "إن إجراء إنتخابات ديموقراطية حرة في مصر هو أمر مستحيل في ظل هذا المناخ القمعي الذي يسود مصر حالياً".

كانت أكثر المسائل إثارةً للجدل فيما يخص تلك الإنتخابات هي نسبة الإقبال التي أعلنت المصادر الرسمية أنها بلغت 48% وهي النسبة التي لا تتوافق مع صرخات الإعلاميين المصريين ودعواتهم الهيستيرية للمواطنين للإدلاء بأصواتهم بعدما ظهرت لجان الإنتخاب خاوية علي عروشها وهو ما لا يتوافق مع قرار الحكومة إعتبار اليوم الثاني للإنتخاب عطلة رسمية لحث المواطنين علي التصويت ثم القرار المفاجئ بمد التصويت يوماً ثالثاً.

فماذا قال مراقبو الإتحاد الأوروبي عن ذلك القرار؟ لقد قالوا أن اليوم الثالث ربما يؤدي إلي "تشكيك غير مبرر" في العملية الإنتخابية لكن رئيس لجنة المراقبين "ماريو ديفيد" أعلن أن مد التصويت ليوم ثالث لا يضر بمصداقية العملية الإنتخابية لأنه تم في إطار القانون.

ولعل مراقبي الإتحاد الأوروبي البالغ عددهم 150 مراقباً ربما لم يتمكنوا من تكوين صورة عامة المشهد الإنتخابي في 14000 لجنة إنتخابية لكن مراقبي منظمة الديموقراطية الدولية (Democracy International) كانوا أكثر وضوحاً ووصفوا قرار المد بأنه خطوة أخري في طريق الطعن في مصداقية تلك الإنتخابات. 

لقد أقحم الإتحاد الأوروبي نفسه في معركة خاسرة بمشاركته في مراقبة الإنتخابات المصرية وهو ما دفع معارضي السيسي ومنهم حركة 6 أبريل مثلاً إلي إتهام الأوروبيين بمحاولة إضفاء الشرعية علي الإنتخابات وهو الأمر الذي أكده التقرير الضعيف الذي أصدرته لجنة المراقبين الأوربيين عن سير العملية الإنتخابية.

ولعل السؤال الذي كان علي الأوربيين أن يسألوه هو : ما فائدة رقابة الإنتخابات إذا لم يتم تقييم مسائل مهمة مثل نسبة الإقبال بشكل مستقل؟

تقرير المراقبين الأوربيين لم يعجب بعض الدوائر المقربة من السلطة نظراً لوجود بعض النقاط السلبية التي تنتقد العملية الإنتخابية وهو ما أعتبره هؤلاء جزءاً من "المؤامرة الغربية" علي مصر والتي تهدف إلي دعم الإخوان وإضعاف مصر.

لقد وضعت الأزمة المصرية الأوربيين أمام خيارين هما أن يقف الغرب في صف مصالحه أو أن ينتصر لقيمه ومبادئه التي ينادي بها.

وطبقاً للقيم والمبادئ الأوروبية لم يكن علي الإتحاد الأوروبي أن يضفي قدراً من الشرعية علي الإنتخابات الرئاسية الأخيرة.

أما بحسابات المصالح فإن الغربيين لابد أن يظلوا علي إتصال مع الحكام الجدد في مصر.

المشكلة هي أن الإتحاد الأوروبي يريد الإثنين معاً مصالحه ومبادئه في وقت واحد حيث أنه علي الصعيد الأخلاقي يحاول الغرب الحفاظ علي كونه راعياً للديموقراطية بل أنه مهد الديموقراطيات ومن جهة أخري يعترف بالواقع الجديد في مصر والتعاون مستقبلاً مع السيسي كونه يرأس أكبر وأهم دولة عربية لذلك يحاول الغرب ترك كل الأبواب مفتوحة.

لكن الغرب بإرساله فريق مراقبة الإنتخابات الأخيرة قد جعل من نفسه محط سخرية كل الأطراف. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك