الأربعاء، 16 يوليو 2014

حوار مع نمساوية منتقبة : "إرتداء النقاب يشعرني بالراحة"

حوار أجرته : NERMIN ISMAIL 
ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
نقلاً عن صحيفة (Die Presse) النمساوية
موقع (صحافة ألمانية)
16 يوليو 2014
منتقبة نمساوية أشهرت إسلامها : "إرتداء النقاب يشعرني بالراحة"

دائماً ما يتكلم الجميع عنهن وقليلاً ما يتحدث الناس إليهن...إنهن المنتقبات.

صحيفة "Presse am Sonntag" النمساوية أجرت حواراً مع فتاة نمساوية أسلمت وإرتدت النقاب.

الفتاة المنتقبة – 28 عاماً – والتي فضّلت عدم الإفصاح عن إسمها الحقيقي وإستخدام إسم مستعار هو "سميرة" تحدثت إلينا في منزلها في العاصمة النمساوية ڤيينا وحكت لنا كيف أنها ولدت لأبويين كاثوليكيين وكيف أثار الإسلام إهتمامها فدفعها ذلك لحضور دروس حصة الدين الإسلامي في المدرسة ثم أعلنت إسلامها بعد ذلك.

أكثر ما يضايق "سميرة" هو أن أحداً لم يهتم بسؤال المنتقبات عن رأيهن في الجدل الحالي حول قرار حظر النقاب في بعض الدول الأوروبية وهي تري أنها حرة في إختياراتها وتنتظر من الآخرين إحترام ذلك.

والآن مع نص الحوار الذي أجريناه مع المنتقبة النمساوية "سميرة" :

الصحيفة : منذ متي وأنت ترتدين النقاب ولماذا؟

سميرة : أنا أرتدي النقاب منذ أن كنت مقيمة في القاهرة قبل 3 سنوات. أما عن سبب إرتدائي للنقاب فهو أنني منذ أشهرت إسلامي وأنا أرغب في فعل كل شيئ يربطني بالإسلام كما أن النقاب بمثابة حماية لي شخصياً وحتي بعد عودتي من الأجازة التي قضيتها في مصر والتي إستمرت شهرين كنت أرتدي النقاب لأنني بدأت أشعر بالإرتياح وأنا أرتديه.

كل إنسان لديه الحق في إختبار ملابسه سواء كان نقاباً أو حجاباً أو لاشيئ منهما وعلي كل إنسان إختيار ما يشاء مع إحترام الآخرين وعدم إصدار الأحكام المسبقة عليهم. 

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : كيف يكون النقاب حماية لكي؟ ألا تعتقدين أن إرتداء النقاب في دولة أوروبية كالنمسا يمكن أن يلفت الإنتباه أكثر ويتسبب في إستفزاز البعض؟

سميرة : ربما يكون ذلك صحيحاً. لكن السبب في ذلك هو أن البعض هنا في النمسا لديهم مشكلة مع إحترام من يختلف معهم.

وأنا أري أنه حماية لي شخصياً لأنني منذ أن إرتديت النقاب قبل عدة سنوات لم أتعرض لمغازلات الرجال أو تحرشهم الجنسي بي أو هجومهم علي وهو أمر جيد جداً في عصرنا الحالي.

وعلي المنتقبات أن يكُن واثقات بأنفسهن ومدركات لقدرهن وقيمتهن وألا ينسَقْنّ وراء التصرفات العدائية تجاهن.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : لكن ألم تتعرضي للمضايقة أو التحرش بسبب النقاب؟

سميرة : هجوم مباشر يؤدي إلي مواجهة ومشاجرة لم يحدث لي لكن أحياناً وأثناء سيري في الشارع أتعرض لكلمات سخيفة من هذا الشخص أو ذاك لكني لا أعيرها إهتماماً وكأني لم أسمعها.

أحيانا كنت أدخل في نقاشات حول سبب إرتدائي النقاب لكنها كانت نقاشات مهذبة وأغلب من يهاجمون النقاب يهاجمونه أثناء سيري في الشارع ببعض الكلمات السخيفة أو هز رؤوسهم بطريقة ما وما إن يعرفوا أني نمساوية وأني أفهم ما يقولون لا يستطيعون الكلام ويصابون بصدمة.

لقد سمعت كلمات في غاية البذاءة والسوء ورأيت إشارات غير مهذبة بالأيدي لكنني أعلم أن هؤلاء الأشخاص لا يبحثون عن الحوار وكل ما يريدونه هو الإثارة وسب الآخرين وجرح مشاعرهم. 

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : هل تشعرين بالإرتياح وأنتي ترتدين النقاب هنا في النمسا؟

سميرة : هذا سؤال صعب لكن دعيني أقول لكي أنني أشعر بالإرتياح مع نقابي لكن ما يزعجني هو بعض المواقف العدائية للإسلام وسماعي لبعض التعليقات التي تشعل قلبي غضباً وأحياناً أثناء سيري في الشارع لا أشعر أن كل المارة يكنون لي الإحترام وهو أمر يؤثر فيّ كثيراً لكن تجاربي الطيبة أكثر من تجاربي السيئة مع الناس في الشارع وأنا في الحقيقة لا أعلم كيف هو وضع فتاة منتقبة في مكان آخر بخلاف النمسا وأنا أرتدي نقابي في كل مكان أذهب إليه ما عدا مسقط رأسي في منطقة " Wiener Neustadt".

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : ولم لا ترتدين النقاب في هذه المنطقة بالذات؟ هل لأن والديك يسكنون هناك أم ماذا؟

سميرة : هناك عدة أسباب لذلك من أبرزها أنني لا أريد أن أكون عبئاً علي عائلتي حيث من الممكن أن يذهب الناس إلي والدتي مثلاً ليسبوني ويشتمونني بسبب ظهوري بالنقاب في المنطقة التي يسكنون فيها وانا أعرف ذلك من خلال المشاكل التي تعرضت لها في المنطقة بسبب حجابي العادي فكيف إذا رآني هؤلاء الناس بالنقاب؟ 

سبب آخر وهو أنني أكتفي بالحجاب في مسقط رأسي لأنه مكان هادئ وغير مزدحم بالسكان بخلاف العاصمة ڤيينا الكتظة بالسكان.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : كيف هو رد فعل الناس الذين تتعاملين معهم بشكل يومي والذين لن يستطيعوا رؤية وجهك مرةً أخري؟

سميرة : المحزن في هذا الأمر هو أن كثير من هؤلاء يربطون بين النقاب والتطرف وقبل وقت قصير تحدثت إليّ إحدي السيدات بشكل مهذب وسألتني لماذا أرتدي النقاب هنا في النمسا وقد صدمني السؤال الذي جاء سريعاً ومفاجئاً أثناء قيامي بالتسوق في أحد المتاجر لكنني أجبتها بأن لكل إنسان الحق في إرتداء ما يشاء فكما تفضلين أنتي إرتداء البنطال والقميص أُفضل أنا إرتداء النقاب.

للأسف هؤلاء الناس يظنون أن النقاب هو علامة علي الإضطهاد وأنه أمر مرتبط بالأجانب في النمسا وهو أمر لا يمكنني فهمه حيث أن البعض لا يقبل كوني نمساوية أصلاً وكأن النمساويين لهم مظهر خاص بهم.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : ما رأيك في مطالبة "إفغاني دونميتس" بعدم السماح للمنتقبات بالحصول علي إعانة إجتماعية؟

سميرة : أري أنها مطالبة لا تحترم الآخر فذلك الشخص نفسه يشهد بالامان الذي يعيش فيه الأجانب هنا في النمسا بغض النظر عن أصولهم أو أعراقهم وهذا الشخص نفسه ينتمي لأصول أجنبية ويكفي أن إسمه "إفغاني" فكيف لا يثير إسمه ذلك التمييز ضد الأجانب بينما تثيره قطعة قماش تضعها فتاة نمساوية علي وجهها.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : لكن ماذا ستفعلين إذا تم إقرار إقتراح حزب الحرية النمساوي (FPÖ) بحظر البرقع في النمسا؟ هل ستكتفين ساعتها بإرتداء الحجاب فقط؟ 

سميرة : أولاً أنا لا أرتدي ما يسمونه البرقع. أنا أرتدي نقاباً عادياً ربما يختلف قليلاً عن البرقع المقصود. ثانياً : في حالة إقرار هذا القانون فسألتزم به بكل تأكيد طالما أنني أريد العيش هنا في النمسا لكنني أتمني ألا يتم إقراره وأن يتم الإلتزام بالقيم الديموقراطية وقيم حرية الإعتقاد فمن المفترض أن كل مواطن حر فيما يلبسه وفيما يرتديه وفيما يعتنقه من أفكار.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الصحيفة : أنتي تتخذين المسألة ببساطة .أليس كذلك؟ لكن هل تعرفين بعض المنتقبات اللاتي قد لا يرغبن في خلع نقابهن؟

سميرة : البساطة أمر نسبي وعلي المرء أن يزن الأمور وألا يعرض نفسه للخطر فحياة المرء في الإسلام أولي من الإلتزام بالنقاب ولا يمكنني المخاطرة بحياتي والتهاون فيها بسبب موقفي من عدم خلع النقاب فهذا ليس من الإسلام لكنني أعرف كثيراً من النساء اللواتي لن يخلعن نقابهن مهما كانت الظروف ليس لكونهن مسلمات ملتزمات جداً بل لرفضهن مبدأ أن يفرض عليهم أحدٌ ما يجب عليهم إرتدائه متدخلاً بذلك في حياتهم الشخصية.

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

إنتهي الحوار.

الجدير بالذكر أن جدلاً يدور الآن في أوروبا حول النقاب وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد قضت بقانونية قرار حظر النقاب المفروض في فرنسا منذ أبريل 2011 معتبرة أنه لا ينتهك حقوق الإنسان وهو القانون الذي يتم تغريم المنتقبة المخالفة له 150 يورو.

ويسع حزب الحرية النمساوي (FPÖ) اليميني المتطرف إلي إنتهاج النهج الفرنسي وحظر النقاب في النمسا وذلك من خلال التقدم بمشروع قانون لحظر البرقع.

مصطلح "برقع" الذي يتداوله الكثيرون هو مصطلح خاطئ لأنه يشير إلي نوع معين من الملابس لا يوجد سوي في أفغانستان وباكستان وهو نقاب لا يظهر شيئاً من وجه المرأة بينما النقاب العادي تظهر من خلاله عينا المنتقبة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك