ترجمه من الألمانية : إسماعيل خليفة
عن موقع صحيفة "نويي تسوريشر تسايتونج" السويسرية
السيسي في مأزق |
الإنتخابات الرئاسية المصرية 2014 لا تعبر بأي حال من الأحوال عن الديموقراطية والدليل علي ذلك هي الظروف التي أجريت فيها تلك الإنتخابات حيث يقبع آلالاف من المصريين في السجون والمعتقلات دون محاكمة ووسائل الإعلام تم تطويعها بالكامل لخدمة النظام والمظاهرات يتم قمعها بشدة والأحزاب والقوي السياسية المعارضة يتم حظرها ووسط كل هذا مرشح رئاسي يتمتع بكل الدعاية اللازمة من كل مؤسسات الدولة بينما المرشح المنافس يتجول بين القري والمدن في محاولة يائسة لتوصيل رسالته غير المرحب بها من الشعب وبعد فاصل قصير وصلت مصر أخيراً إلي النقطة التي كانت عندها قبل 2011 وأصبح الفائز بالسباق الرئاسي معروفاً حتي قبل أن يذهب الناخبون إلي مراكز الإقتراع.
النخبة تعرف أكثر
إن تلك الإنتخابات الرئاسية في مصر لا تعبر بأي حال من الأحوال عن إرادة الشعب بل تُمثل مرحلةً متطورة من الثورة المضادة فما حدث في تلك الإنتخابات لا يعني إبعاد الإخوان وإزاحتهم من الطريق فحسب بل هو رسالة من الدولة المصرية لمواطنيها بألا يحلموا بقيادة بلدهم بأنفسهم في السنوات القادمة بل وربما في العقود القادمة فالنخبة التي يمثلها موظفو الدولة الكبار والقضاة والصحفيون والضباط يؤمنون أنهم وحدهم القادرين والمؤعلين لحكم هذا البلد وذلك لأن الشعب في نظر هؤلاء النخبة بكل بساطة شعب غبي لا يجيد حكم نفسه بنفسه.
وبالرغم من موجة عبادة السيسي السائدة في مصر هذه الأيام فإن الكثير من المصريين يتشككون في قدرة السيسي علي إنقاذ مصر وهو ما أظهرته نسبة الإقبال الضعيفة في الإنتخابات الأخيرة وهو ما أظهرته أيضاً إستطلاعات الرأي حيث أكد إستطلاع للرأي أجراه مركز (Pew-Institut) الشهير لإستطلاعات الرأي أن 54% فقط من المصريين يؤيدون عزل مرسي وإنتخاب السيسي رئيساً وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنةً بالحملة الدعائية غير المسبوقة التي شنتها الدولة المصرية عبر جميع مؤسساتها , كما أن إستطلاع الرأي أظهر أيضاً أن نسبة رضاء المصريين عن الطريق الذي تسير فيه بلادهم قد زادت لتصبح أعلي منها في عام 2010 أي تحت حكم مبارك حيث بلغت نسبة عدم رضاء المصريين 72% في 2014 بينما كانت 69% في 2010 وقد عبّر 65% من المصريين عن شعورهم بالرضا عام 2010 بينما لم تتجاوز نسبة الراضين في 2014 ال 24%.
الثقة في الجيش والقضاء تراجعت |
الإستطلاع أظهر تراجع شعبية الإخوان لكنه أظهر أيضاً تراجع ثقة المصريين في الجيش والقضاء حيث تراجعت نسبة الثقة في هاتين بنسبة 17%.
السيسي في مأزق
السيسي ونظامه وقعا في مأزق كبير بعد الإنتخابات الرئاسية المعلوم الفائز فيها مسبقاً فمن أجل أن تتحرك مصر إقتصادياً لابد من السيطرة علي الوضع المالي للبلاد حيث يسبب الفساد الإداري المستشري في أركان الدولة بجانب دعم الوقود والسلع الأساسية إلي عجز بالمليارات في موازنة الدولة يهددها بالإفلاس.
ومنذ الإطاحة بمرسي ودول الخليج الغنية تدعم النظام المصري بمليارات الدولارات لكن إلي متي ستظل السعودية وأشقائها يلقون أموال البترودولار خاصتهم في بئر لا قرار له لمجرد خوفهم من عودة الإخوان ورغبتهم في إبعادهم تماماً عن المشهد؟
وكيف سيستطيع السيسي إعادة التوازن لميزان المدفوعات؟
لو حاول السيسي سد الثقوب الموجودة في الميزانية من خلال مكافحة الفساد فإنه بذلك يضع نفسه في حرب مع أولئك الذين دعموه وأيدوه وساعدوه في الوصول للسلطة بينما لو حاول رفع الدعم عن الخبز والوقود فإنه يخاطر مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلي مزيد من عدم الإستقرار.
كل هذا بجانب عودة السؤال المحوري من جديد : هل سيتدخل الجيش المصري مرة أخري للدفاع عن نظام فاشل إقتصادياً من خلال قمع المحتجين عليه أم أن الجيش سوف يبتعد عن هذا ويترك الأمر للمصريين ليقوموا بواجبهم في إنقاذ بلدهم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك